بقلم د/سماح عزازي
بينما يترقب المصريون جلسة النطق بالحكم في قضية الطفل "ياسين"، ابن الست سنوات، الذي تعرّض لأبشع جريمة يمكن أن تهز ضمير أمة كاملة، تتزايد علامات الاستفهام وتعلو الأصوات بحثًا عن الحقيقة... وعن العدالة.
أعلن المستشار مرتضى منصور، أحد أبرز المحامين في مصر، انضمامه رسميًا إلى فريق الدفاع عن الطفل، مؤكدًا أنه سيحضر بنفسه الجلسة ، وأن وفدًا من مكتبه القانوني توجّه بالفعل إلى أسرة الطفل لاتخاذ الإجراءات اللازمة. ولم يكن المستشار منصور وحده، بل أعرب عدد من كبار المحامين في مصر عن رغبتهم في الانضمام للقضية، مدفوعين بحسهم الإنساني والوطني قبل أي شيء آخر.
لكنّ الغريب، والمثير للقلق في آنٍ معًا، هو موقف المحامي "عصام مهنا"، الذي أعلن على حسابه الشخصي أنه الممثل الوحيد قانونيًا عن أسرة الطفل، وأنه يرفض أي تدخل من محامين آخرين، معتبرًا أن الأمر مجرد "شو إعلامي".
نحن لا نزايد على أحد، ولا نشكك في نوايا أحد، ولكن حين يتعلّق الأمر بقضية رأي عام بهذا الحجم والوجع، فإن أي تصرف يثير الشكوك يصبح بحاجة إلى توضيح فوري.
مما زاد من ريبة المتابعين، هو تداول صور قديمة نُشرت
عبر حساب الأستاذ مهنا، تجمعه بعدد من الشخصيات في احتفالية قبطية يومي 7 و8 يناير الماضيين، من بينهم - بحسب ناشري الصور - المتهم العجوز في القضية نفسه. وعلى الرغم من حذف الصور لاحقًا، إلا أنها أصبحت محل جدل كبير، إذ لم يخرج المحامي حتى لحظة كتابة هذه السطور ليوضح للرأي العام خلفيات تلك الصورة، وهل لها علاقة بالقضية من قريب أو بعيد.
إننا لا نُدين أحدًا، ولا ننحاز ضد أحد، لكننا نطالب بالشفافية، فمثل هذه القضايا لا تتحمل الظلال الرمادية، ولا تقبل إلا بلون واحد: العدل.
القضية ليست استعراضًا إعلاميًا، ولا منصّة للشهرة. إنها قضية طفل كُسرت روحه وانتهكت براءته، وجريمة أخلاق وإنسانية تستحق أن يُسخّر لها كل من يملك ذرة ضمير، لا أن تُقيَّد بالأسماء والاحتكارات.
وإن ثبت وجود تواطؤ، أو تضارب مصالح، أو حتى صورة غير محسوبة، فيجب على من ارتكبها أن يتحمّل تبعاتها، وأن يفسح المجال أمام من يريد أن يُنصف هذا الطفل.
رسالتنا اليوم إلى المستشار مرتضى منصور، وكل من أعلن تضامنه مع الطفل ياسين: نرجو منكم أن تُكملوا المسيرة، وأن تكونوا في قاعة المحكمة، حيث كلمة القانون، لا المجاملات.
ورسالتنا إلى المحامي الأستاذ عصام مهنا: الشفافية والوضوح هما أقصر طريق لحفظ الثقة. ما نُسب إليك من صور وعلاقات يثير القلق، ويحتاج إلى تفسير عاجل، لا صمت مطبق.
أخيرًا، نُذكّر الجميع أن قضية ياسين ليست قضية ديانة، بل قضية ضمير. لا نريد أن ندخل نفق الفتنة، بل أن نخرج منها إلى نور الحقيقة. فالحق لا يُعرف بالمسميات، بل تُعرف المسميات بالحق.
إضافة تعليق جديد