بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله، أعظم للمتقين العاملين أجورهم، وشرح بالهدى والخيرات صدورهم، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وفّق عباده للطاعات وأعان، وأشهد أن نبيّنا محمدا عبد الله ورسوله خير من علَّم أحكام الدين وأبان، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أهل الهدى والإيمان، وعلى التابعين لهم بإيمان وإحسان ما تعاقب الزمان، وسلّم تسليما مزيدا ثم أما بعد إن من أعظم ما تعاني منه الأمة الإسلامية اليوم هو تغيب هدي النبي المصطفي صلى الله عليه و سلم وسيرته وأخلاقه وآدابه عن أجيالها فعاش الجيل بعيدا عن هدي خير المرسلين فتاه في ظلمات الشبهات والشهوات وغرق في بحارها وهو في أمس الحاجة إلى من يقتبس له جذوة من السراج النبوي تنير له طريق الحق وتبدد ظلمات الباطل فيجد الدواء الناجع لكل ما يعانيه من هموم وغموم وقلق وحيرة وتخبط وإنحراف.
فهل نعيد عرض السيرة النبوية العطرة على أجيالنا؟ وهل نتمثلها واقعا حيا مشاهدا تراه الأجيال ماثلا أمامها فتدرك أنه المخرج من شقوتها ؟ وهل سندافع عن الإسلام ؟ وهل سنقاتل في سبيل الله دفاعا عن الأرض والعرض؟ فإن منزلة الشهداء منزلة عظيمة عند الله عز وجل لا تساويها منزلة فعن النبي صلى الله عليه وسلم قال "ليس شيء أحب إلى الله من قطرتين وأثرين قطرة من دموع في خشية الله وقطرة دم تهراق في سبيل الله وأما الأثران فأثر في سبيل الله وأثر في فريضة من فرائض الله "رواه الترمذى، وإن من العجائب اللافتة أن أول من تسعر بهم النار يوم القيامة شهيد وعالم ومنفق، والبلاء ناتج في حالهم من نياتهم السيئة وعدم إخلاصهم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إن الله تعالى إذا كان يوم القيامة ينزل إلى العباد ليقضي بينهم.
وكل أمة جاثية، فأول من يدعو به رجل جمع القرآن، ورجل قتل في سبيل الله، ورجل كثير المال، فيقول الله للقارئ ألم أعلمك ما أنزلت على رسولى؟ قال بلى يا رب، قال فماذا عملت فيما علمت؟ قال كنت أقوم به آناء الليل وآناء النهار، فيقول الله تعالى له كذبت، وتقول الملائكة كذبت، ويقول الله له بل أردت أن يقال فلان قارئ، فقد قيل ذلك، ويؤتى بصاحب المال، فيقول الله تعالى ألم أوسع عليك حتى لم أدعك تحتاج إلى أحد؟ قال بلى يا رب، قال فماذا عملت فيما آتيتك؟ قال كنت أصل الرحم وأتصدق، فيقول الله له كذبت، وتقول الملائكة له كذبت، ويقول الله تعالى بل أردت أن يقال فلان جواد وقد قيل ذلك، ويؤتى بالذي قتل في سبيل الله فيقول الله له فيماذا قتلت؟ فيقول أمرت بالجهاد في سبيلك فقاتلت حتى قتلت، فيقول الله تعالى له كذبت، وتقول له الملائكة كذبت، ويقول الله تعالى له".
بل أردت أن يقال فلان جرئ، فقد قيل ذلك، ثم ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ركبتي فقال يا أبا هريرة، أولئك الثلاثة أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة" وإنه لا يعادل أجور الشهداء إلا أهل الطاعات المتنوعة من صلاة وصدقات وقيام وصيام وبذل معروف وجهاد في سبيل الله وتحصيل علم وإصلاح بين الناس وغيرها من صور الطاعات الصالحة النافعة، فلأهل العمل الصالح الصحبة الكريمة مع الأنبياء والشهداء، فقال الله تعالى " ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا" أسأل الله الكريم الجواد البر الرحيم بمنه وكرمه وجوده وإحسانه أن يرزقنا محبه رسوله صلى الله عليه وسلم وإتباع سنته وأن يحشرنا في زمرته وأن يجعل محبتنا له أعظم من حبنا لأنفسنا وأبائنا وأمهاتنا وزوجاتنا وذرياتنا وأموالنا وأن يعمر ظاهرنا وباطننا بمتابعة سنته وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
إضافة تعليق جديد