رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الخميس 13 نوفمبر 2025 2:28 م توقيت القاهرة

من رفق بعباد الله رفق الله به

بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن سيدنا محمدا رسول الله، صلوات ربي وسلامه عليه، وعلى آله وصحابته والتابعين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية كما جاء في كتب الفقه الإسلامي الكثير عن الرفق والإحسان، وقال الإمام ابن القيم رحمه الله "من رفق بعباد الله رفق الله به، ومن رحمهم رحمه، ومن أحسن إليهم أحسن إليه، ومن جاد عليهم جاد عليه، ومن نفعهم نفعه، ومن سترهم ستره، ومن منعهم خيره منعه خيره، ومن عامل خلقه بصفة عامله الله بتلك الصفة بعينها في الدنيا والآخرة، فالله لعبده حسب ما يكون العبد لخلقه" ومن القصص العجيبة ما ذكره الشيخ عطية سالم رحمه الله المدرس بالحرم النبوي أن امرأة في المدينة كان لها جيران من النسوة العجائز، وكانت تعطيهم طاسة الحليب من غنمها.
وفي أحد الأيام وقع لها حادث حينما كانت تسير في ضواحي المدينة المنورة، فسقطت في حفرة متصلة بمجرى الماء، فسحبها الماء تحت الأرض، وقدر الله لها أن تمسك بحجر في هذا المجرى، ومكثت عالقة بهذا الحجر تحت الأرض أربعة أيام، وبعد هذه الأيام، مرّ رجل بالمكان فسمع صوت إستغاثة ضعيف، فلما عرف مصدر الصوت نزل وأخرجها، وسألها عن حالها وكيف كانت تعيش؟ فقالت إن طاسة الحليب التي كنت أعطيها للعجائز كانت تأتيني كل يوم، والجزاء من جنس العمل، فيا عبد الله تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة، واعلم أن الإحسان إلى الخلق سيعود إليك صداه ولو بعد حين وأن الصدقة ولو بالقليل تفعل الشيء الكثير إذا وافقت إخلاصا من المتصدق وحاجة عند الفقير، والبحث عن صاحب الحاجة اليوم عزيز، إذ إختلط الحابل بالنابل.
وأفسد الكاذب على الصادق، فينبغي للمتصدق أن يتحرى في صدقته المحتاجين دون المحتالين، وقد يقول قائل ويسأل سائل أين نجد هؤلاء المحتاجين؟ وكيف السبيل إليهم؟ فأقول إجتهد في البحث تجدهم ومن يتحر الخير يوفق إليه، فيا معاشر المؤمنين، إن طرق البذل والإنفاق سبقنا إليها العظماء من الموفّقين، وعلى رأسهم سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم الذي قال "الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله أو القائم الليل الصائم النهار" رواه البخاري، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتأخر عن تفريج كربات أصحابه، فكم قضى لهم من ديون، وكم خفف عنهم من آلام، وكم واسى لهم من يتيم، وفوق ذلك مات ودرعه مرهونة بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم، ثم جاء أصحابه رضي الله عنهم الذين ضربوا أروع الأمثلة في البذل والعطاء والإحسان والسخاء.
قهذا هو الصحابي الجليل أبو بكر الصديق رضي الله عنه يقدّم ماله كله لله، والفاروق رضي الله عنه يقدم نصف ماله لله، وعثمان رضي الله عنه يشترى الجنة من الرسول صلى الله عليه وسلم مرتين، مرة حين حفر بئر رومة، ومرة حين جهز جيش العسرة، فيا عبد الله لا تبخل على نفسك، وقدم لها ما يسرّك، واعلم أن السفر طويل والزاد قليل والذنب عظيم والعذاب شديد والميزان دقيق، والصراط منصوب على متن جهنم، ونحن سائرون عليه، فإما ناج أو هالك، فأنفق ينفق الله عليك، أحسن يحسن الله لك، فرج يفرج الله عنك، فالجزاء من جنس العمل، فاللهم صل على محمد وعلى آل محمد، اللهم يمّن كتابنا، ويسّر حسابنا، وثقل موازيننا، وحقق إيماننا، وثبت على الصراط أقدامنا، وأقر برؤيتك يوم القيامة عيوننا، واجعل خير أعمالنا آخرها، وخير أيامنا يوم لقاك.
اللهم لا تجعل بيننا وبينك في رزقنا أحدا سواك، واجعلنا أغنى خلقك بك، وأفقر عبادك إليك، اللهم هب لنا غنى لا يطغينا، وصحة لا تلهينا، وأغننا اللهم عمّن أغنيته عنا، إنك على ذلك قدير وبالإجابة جدير وصلى الله على محمد وعلي آله وأصحابه أجمعين.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
10 + 10 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.