قلم: دكتورة دلال عبد الحليم حسن
استشاري الصحة العامة وطب االسرة
من سلسلة مقترحات تطوير المدن الجديدة
آداب وسلوكيات مجتمع قبل تطوير شبكات الطرق و آليات المرور
السؤال الذي يطرح نفسه بهذا المقال أيهما يسبق اآلخر في التطوير تحديث شبكات الطرق الجديدة أم
تحديث قواعد و آليات ضبط حركة المرور أم تصحيح سلبيات سلوك مجتمع وتطوير ايجابياته لتطبيق نظم
المرور الحديثة ؟
ولالجابة عن هذا السؤال المعقد البد أن نستعرض بعض الصورالتي توضح المشاريع التطويرية التي سبقت
لتطوير حركة المرور بمدينة االسكندرية . مما ال شك فيه يبذل القائمو ن والمسئولون في أجهزة الدولة المختلفة
و إدارات المرور جميعها جهودا مضنية لتطوير حركة المرور و تيسييرها من خالل تطوير البنية األساسية
فيانشاء شبكة الطرق الجديدة و تحديث بنية الشوارع الرئيسية سواء داخل المدن أوخارجها بالمحافظات
المختلفة في ج م ع ، وفي نفس الوقت أيضا تعمل إدارات المرورعلي تطبيق آليات حديثة لتطبيق قواعد
المرور الكترونيا وذلك لدعم سالمة المواطنين من الحوادث المرورية وكذلك سالمة قائدي السيارات ف بالتأكيد
تطبيق هذا التحديث لمنظومة المرور وشبكة الطرق الجديدة ليس باألمر البسيط تنفيذه بل هو ناتج عن
استراتيجيات زمنية متعددة المراحل يتم تنفيذها طبقا لجد اول زمني ة محددة ت تطابق مع تطوير البنية االساسية
لشبكة الطرق والربط بين المدن وبعضها البعض ؛ كذلك انشاء محاور طرق سريعة و شوارع حديثة
الستيعاب الكثافة المرورية وتطوير إعمار المدن الجديدة و تحديث تخطيط الطرق القديمة ، إن هذا ما رأيناه
بالفعل كمثال حي في النقلة الحضارية التي توجت محافظة اإلسكندرية في تشييد سلسلة منشآت الطرق الجديدة
في محور المحمودية لتصبح مدينة اإلسكندرية عروس البحر األبيض التي تعرف الان بلقب "باريس مصر "
ألنها اصبحت أ وروبية النظام المروري المحوري الجديد المطابق لمعايير الطرق العالمية و الذي تم بناؤه
علي قواعد هندسية أساسية و دراسات وأبحاث محلية و عالمية لعلوم الطرق و دراسات التوسع العمراني
بالمدينة و توافق خرائط الموقع الجغرافي الجديد للمدينة ، نحن ال نستطيع حصر الجهود الشاقة و الصعوبات
التي واجهت أجهزة الدولة ب التخطيط والتنفيذ لمراحل مشروع محور المحودية و شبكة الطرق الخيالية بمدينة
اإلسكندرية يعد معجزة إنجازات حقيقية لتطوير المرور بتلك المدينة.
من أهم المحاور الاساسية لتطوير شبكة خدمات المرور بالمدينة يتوقف علي انضباط سلوك األفراد بالمجتمع
ومدي درجة االلتزام و التعاون مع الجهاز المرورى و إحترام المواطنين لقوانين المرور و احترام قائدي
السيارات و المركبات لتطبيق قواعد المرور الحديثة ،
فبدون التركيز علي تعديل سلبيات السلوك اإلنساني
الذي يشكل وحدة تطبيق النظام وااللتزام به فلن نتوقع التقدم الحضاري المطلوب في نظم المرور الجديدة .
وعلي سبيل المثال نلقي الضوء علي بعض السلوكيات السلبية لألشخاص بالطرق العامة و تؤثر بصورة
مباشرة أو غير مباشرة علي ارباك حركة المرور وتؤدى الي الحوادث ومخاطر تهدد سالمة الطريق .
- فمن السلبيات ظاهرة تسابق الناقلات و المركبات الثقيلة علي الطرق المحورية الخارجية للمدينة و عدم
التزام النقل الثقيل بحارة واحدة محددة علي يمين الطريق لعبورها متتالية دون اشغال كل حارات الطريق
والتنافس مع السيارات الصغيرة لتخطيها و كذلك عدم التزام بحد السرعات المسموح به للنقل فكثيرون
مخالفون لحد السرعة علي الرغم من تطبيق نظام التصوير لتخطي السرعات ،
- من الاومور السلبية ظاهرة تكدس مرور سيارات التاكسي األصفر و سيارات كريم و أوبر التي تزحم
الشوارع وتسير بدون راكب ؛ تنطلق فارغة لتجوب بحثا عن عميل ويمكن تنظيم المرور والقضاء علي تلك
الظاهرة بتجمع تلك السيارات في مواقف جماعية في األحياء و تنطلق بناء عن طلب تليفوني للعميل
بحيث تسير بالشوارع فقط اذا معها راكب ؛ يتم تخفيف ضغط ازدحام الشوارع بسيارات فارغة غير هادفة
لجهة.
- ظاهرة ازدحام الشوارع بركن السيارات بنظام الوقوف علي جانبي الطرق يؤدى الي تضييق
الشوارع بمواقف السيارات و ارباك حركة المرور ؛ ان انشاء مواقف عامة مسطح ات لركن السيارات
وتخصيص مساحات ب طوابق علوية دائرية تتسع لعدد كبير من وقوف السيارات يحل أزمة ازدحام
الشوارع بركن السيارات وتعد منشآت الطوابق العلوية الدائرية أو مسطحات تتسع لركن السيارات
من المنشآت الحيوية الساسية داخل المدن الكبره
كذلك تخصيص مسارات جانبية خاصة لمرور الدراجات البخارية و الدراجات العادية حتي تلتزم
بنظم المرور فال تتسابق مع السيارات بمنتصف الطريق و تعرض سائق الدراجة الي مخاطر وسط
الطريق .
- ظاهرة التوكتوك وهي غير مطابقة لمعايير الالتزام بقواعد المرور باإلضافة الي سيرها عكس االتجاه
ومخالفة قواعد مرور الطرق وعدم الالتهام بسالمة المارة ، وربما يتم تعديل هذه الظاهرة بحصر
اتجاهات محددة لمرور التو كتوك وتخصيص مواقف جماعية لهم و انطالقها في المسار المحدد
بالطلب الشخصي و أن ال تجوب الطرق السريعة أو الداخلية لتجنب زحام السيارات الناقلة .
- إن ما نراه حاليا من سلبيات النقل الثقيل في حمولة زيادة عن الوزن المسموح به أو السيرلنقل بضائع
تمثل خطر علي من بجوارها ب الطريق دون إلتزام بقواعد المروربغطاء حافظ من سقوط المواد الضارة
مما يؤدى الي إرباك حركة المرور و تعرض سائقي المركبات حوله لخطورة سقوط بضاعة ضارة.
- ظاهرة سلبيات سلوك عبور المواطنين بمنتصف الطري ق و بدون الالتزام بأماكن مخصصة للعبور
، السير في وسط طرق السيارات وعبور جانبي الطريق بدون االلتزام بإشارة المرور للعبور أو
للوقوف الرسمي النظامي المطابق بألوان عالمات المرور مما يؤدى الي خلل وارباك مرورى
للسيارات وبدوره يؤثر بوقوع الحوادث وتزهق فيها أرواح المارة او رجال المرور أنفسهم .
- ولكي نحقق أهداف حقيقية في تطوير منظومة المرور الحديثة كلها تعتمد علي تفعيل تعليم الصغار
بالمدارس برامج تعريفية بأهمية تطبيق نظم المرور وماهي قواعده ثم تتدرج مع مناهج سنوات
الدراسة حتي يصل الطالب بالمراحل الثانوية الي تطبيقها بقناعة بعد أن تم غرس جذور ثابتة من
آداب الالتزام بنظم المرور والتحلي بسلوكيات الطريق منذ نعومة أظافرهم ، إن تطوير الخدمات
بالمجتمع تبدأ بتطبيق برامج تعليمية وتوعوية تبدأ من مراحل التعليم المدرسي كمنهج أساسي لمعالجة
سلبيات المشاكل بالمجتمع ومن خالل تهذيب سلوك أجيال الطالب يمكن أن يتم تطوير سلوك المجتمع
ككل مع مرور الزمن تحدث طفرة التغيير مع قدوم األجيال الجديدة
باختصار شديد مما سبق يتبين لنا أن قاعدة تطوير الخدمات المرورية تبدأ بالسلوكيات وبثها التجريبي في
أول محطة للأجيال بالمدراس الابتدائية لتتدرج مع مراحل التعليم لينمو الطالب على احترام حقوق الإنسان
بالطريق و الحرص على انجاح أنظمة المرور المختلفة بالانضباط السلوكي الداخلي الذي يعزز إنجاح تطبيق
قواعد المرور الأساسية ، فالاجابة على السؤال أيهما يسبق في التطوير شبكة طرق جديدة أم تفعيل سلوكيات
إيجابية للمجتمع ، انما هي وحدة واحدة لا تنفصل عن بعضها ومكمل للشق الأخر فاذا تم تحديث انشاءات
طرق جديدة فلابد من انضباط المواطنين بالمجتمع و احترام قواعد المرور بتلك الطرق و ان نغرس سلوكيات
المرور بإيجابية في أجيال الطلاب للنهوض بمستقبل المرور في مصر كما هو في اليابان على سبيل المثال .
إضافة تعليق جديد