واعتزل الحسين وهو ينشد
وسيفه أمامه مجرّد
يا دهر أفّ لك من خليل
كم لك بالإشراق والأصيل
من صاحب أو طالب قتيل
والدهر لا يقنع بالبديل
وكلّ حيّ سالك سبيلي
ما أقرب الوعد من الرحيل
وقد وعت هذا النشيد زينب
وكاد قلبها له ينشعب
قالت أخي يا عزيز أهلي
هذا كلام موقن بالقتل
قال لها نعم أيا أُختاه
قالت له بعدك وا ثكلاه
ينعى إليّ نفسه الحسين
يقول قد دنا إليّ الحين
وشققت جيوبها النساء
وقد علا العويل والبكاء
وأُمّ كلثوم غدت تنادي
تندب بالآباء والأجداد
وا أبتاه وا محمّداه
ووا علياه ووا أخاه
تقول وا ضيعتنا جميعا
بعدك إذ تغدوا لقى صريعا
قال تعزّي بعزاء الله
وفوّضي الأمر إلى الإله
فكلّ من فوق الثرى لا يبقى
وإنّ سكّان السماء تفنى
صبراً إذا أنا قتلت صبرا
فلا تقلن بعد قتلي هجرا
ولا تشقن عليّ جزعاجيباً
وإن جلّ المصاب موقعا
وقد روى المفيد في الإرشاد
مذ سمعت زينب بالإنشاد
قامت تجر الثوب وهي حسرى
إلى أخيها لا تطيق صبرا
قالت له يا ليت إنّ موتي
أعدمني الحياة قبل الفوت
اليوم ماتت أُمّي الزهراء
وماتت الإخوة والأبناء
قال لها وشأنه الكتمان
لا يذهبن حلمك الشيطان
وهو الذي لم يك بالجزوع
ترقرقت عيناه بالدموع
ثمّ هوت مغشية عليها
فقام جلّ صبره إليها
عن نفسه بنفسه عزّاها
وبالرضا والصبر قد أوصاها
إضافة تعليق جديد