بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وعلى آل أبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، ثم أما بعد اعلموا يرحمكم الله أن للكلمة أهميتها في دين الإسلام، فقد ترفع صاحبها أعلى الدرجات، وقد تهوي به في النار دركات، ومما يبين خطورتها، فبالكلمة خرج إبليس من الجنة، وبها خسر إنسان دنياه وآخرته، ففي سنن أبي داود، سنن أبى داود، قال أبو هريرة رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " كان رجلان في بني إسرائيل متواخيين،
فكان أحدهما يذنب والآخر مجتهد في العبادة، فكان لا يزال المجتهد يرى الآخر على الذنب فيقول أقصر، فوجده يوما على ذنب فقال له أقصر، فقال خلني وربي، أبعثت علي رقيبا؟ فقال والله لا يغفر الله لك، فقبض أرواحهما، فاجتمعا عند رب العالمين، فقال لهذا المجتهد أكنت بي عالما؟ أو كنت على ما في يدي قادرا؟ وقال للمذنب اذهب فادخل الجنة برحمتي، وقال للآخر اذهبوا به إلى النار" قال أبو هريرة رضي الله عنه والذي نفسي بيده لتكلم بكلمة أوبقت دنياه وآخرته، وبها يكفر الإنسان ويخرج من دين الإسلام، وهي من أسباب دخول النار، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه " وهل يكب الناس علي وجوههم إلا حصائد ألسنتهم " رواه الترمذي، وبها يرضي الإنسان ربه أو يسخطه، وقال ابن عثيمين رحمه الله "الكلمة الطيبة تنقسم إلى قسمين طيبة بذاتها طيبة بغاياتها.
أما الطيبة بذاتها كالذكر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الحمد لله، لا حول ولا قوة إلا بالله، وأفضل الذكر قراءة القرآن، وأما الكلمة الطيبة في غايتها فهي الكلمة المباحة، كالتحدث مع الناس إذا قصدت بهذا إيناسهم وإدخال السرور عليهم، فإن هذا الكلام وإن لم يكن طيبا بذاته لكنه طيب في غاياته في إدخال السرور على إخوانك، وإدخال السرور على إخوانك مما يقربك إلى الله عز وجل" وقال سبحانه وتعالي " إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه " وقال ابن كثير رحمه الله في تفسير الآية هو يعني الذكر والتلاوة والدعاء، وقال ذلك التفسير غير واحد من السلف، وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه "إن العبد المسلم إذا قال سبحان الله وبحمده، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، تبارك الله، أخذهن ملك فجعلهن تحت جناحه، ثم صعد بهن إلى السماء،
فلا يمرّ بهن على جمع من الملائكة إلا استغفروا لقائلهن، حتى يجيء بهن وجه الرحمن عز وجل، ثم قرأ عبد الله" إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه " ولا يخفى علينا أن الكلمة الطيبة الواردة في قول الله تعالى " ألم تري كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء " هي " إله إلا الله " فالإسلام يدعو إلى الكلمة الطيبة، في القرآن الكريم الأمر بالقول المعروف، والقول السديد، والقول الميسور، والقول الحسن، والقول الكريم، والقول اللين، وأما القول البليغ الزاجر الرادع المانع المرهب فهو للمنافقين وعتاة المجرمين، فاللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، عباد الله، صلوا وسلموا على من أمرنا المولى بالصلاة والسلام عليه، فاللهم صلي وسلم وبارك على نبينا محمد صاحب الوجه الأنور، والجبين الأزهر.
وارضى اللهم عن خلفائه الراشدين والأئمة المهديين أبي بكر، وعمر، وعثمان وعلي، وعن سائر الصحب والآل ومن تبعهم بإحسان إلى يوم التنادي، وعنا معهم بمنّك وكرمك يا أكرم الأكرمين.
إضافة تعليق جديد