رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الأحد 2 فبراير 2025 8:06 م توقيت القاهرة

إحرص على ما ينفعك وإستعن بالله.. بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقرارا به وتوحيدا وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما مزيدا، ثم اما بعد، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله " من نوى الخير وعمل منه مقدوره وعجز عن إكماله كان له أجر عامل " وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله " إن الذي لا يقدر على عمل معين، إما أن يكون لذلك العمل بدل يقدر عليه، فهذا لا يثاب على العمل إذا لم يأت ببدله لأنه لو كان صحيح النية لعمل ذلك البدل، فعلى هذا يكون حصول الأجر مشروطا بعدم وجود بدله المقدور عليه، على أنا نقول إن من نفع الناس بماله فله أجران، فالأول بحسب ما قام بقلبه من محبة الله ومحبة ما يقرب إليه، فهذا الأجر يشركه فيه الفقير إذا نوى نية صحيحة.
والأجر الثاني هو دفع حاجة المدفوع له، فهذا لا يحصل للفقير، والله أعلم " وأما قوله فهما في الأجر سواء، فحمله بعض العلماء على أن المراد إستواؤهما في أصل أجر العمل دون مضاعفته، فالعامل تضاعف له الحسنة بعشر أمثالها أو أكثر، أما الناوي فقط فيكتب له الثوب بلا مضاعفة، وقال ابن رجب رحمه الله تعالي " وقد حمل قوله فهما في الأجر سواء، على إستوائهما في أصل أجر العمل دون مضاعفته، فالمضاعفة يختص بها من عمل العمل دون من نواه فلم يعمله، فإنهما لو إستويا من كل وجه، لكتب لمن هم بحسنة ولم يعملها عشر حسنات، وهو خلاف النصوص كلها ويدل على ذلك قوله تعالى " فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم علي القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسني وفضل الله المجاهدين علي القاعدين أجرا عظيما "
وقال ابن عباس وغيره القاعدون المفضل عليهم المجاهدون درجة هم القاعدون من أهل الأعذار والقاعدون المفضل عليهم المجاهدون درجات هم القاعدون من غير أهل الأعذار " ولفظ " لو " هنا للتمني وليست للتندم والتحسر، فتختلف عنها في قول العبد " لو أني فعلت كذا لكان كذا " فإنها هنا تفتح عمل الشيطان، أما التي هي للتمني فبحسب الأمنية، إن خيرا فخير وإن شرا فشر، وكلمة " لو " تستعمل عدة إستعمالات بعضها جائز وبعضها غير جائز، وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله " لو " تستعمل على عدة أوجه، فالوجه الأول هو أن تستعمل في الإعتراض على الشرع وهذا محرم، والثاني هو أن تستعمل في الإعتراض على القدر وهذا محرم، والثالث وهو أن تستعمل للندم والتحسر وهذا محرم أيضا لأن كل شيء يفتح الندم عليك فإنه منهي عنه.
حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إحرص على ما ينفعك وإستعن بالله ولا تعجز وإن أصابك شيء، فلا تقل لو أني فعلت كذا لكان كذا فإن لو تفتح عمل الشيطان" والرابع وهو أن تستعمل في الإحتجاج بالقدر على المعصية، كقول المشركين " لو شاء الله ما أشركنا "وهذا باطل، والخامس وهو أن تستعمل في التمني وحكمه حسب المتمني وهو إن كان خيرا فخير وإن كان شرا فشرا، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة النفر الأربعة قال أحدهم " لو أن لي مالا لعملت بعمل فلان " فهذا تمنى خيرا، وقال الثاني " لو أن لي مالا لعملت بعمل فلان " فهذا تمنى شرا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم في الأول " فهو بنيته فأجرهما سواء " وقال في الثاني " فهو بنيته فوزرهما سواء" والسادس وهو أن تستعمل في الخبر المحض وهذا جائز مثل لو حضرت الدرس لإستفدت.
ومنه قوله صلى الله عليه وسلم " لو إستقبلت من أمري ما إستدبرت ما سقت الهدي ولأحللت معكم " وإنه لا يلزم أن يكون الإثنان في نفس الزمان ولكن يشترط أن يكون الفعل ممكنا بالنسبة له وهذا كعموم الأفعال الصالحة الممكنة في كل زمان كالصدقة وطلب العلم والجهاد في سبيل الله ونحو ذلك، أما صحبة النبي صلى الله عليه وسلم والجهاد معه مثلا فلا يمكن ولا يقدر أن يأتي منه بشيء، فمثل هذا لا ينطبق عليه الحديث وإنما هو حديث نفس صالح.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.