بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأحد الموافق 13 أكتوبر 2024
الحمد لله الذي نوّر بالقرآن القلوب، وأنزله في أوجز لفظ وأعجز أسلوب، فأعيت بلاغته البلغاء، وأعجزت حكمته الحكماء، أحمده سبحانه وتعالي وهو أهل الحمد والثناء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله المصطفى، ونبيه المرتضى، معلم الحكمة، وهادي الأمة، صلى الله عليه وعلى آله الأبرار، وصحبه الأخيار، ما تعاقب الليل والنهار، وسلم تسليما كثيرا، ثم أما بعد لقد كان من أعظم صفات النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم أنه مبشر، حيث نادي عليه المولي سبحانه وتعالي " يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا " فهو صلى الله عليه وسلم الذي أتى بالبشارة الكبرى، وهي الإيمان بالله تعالي والبشارة بعفوه وغفرانه ورضوانه ورحمته، والبشارة بجنة عرضها السموات والأرض.
وقد بشّر النبي صلى الله عليه وسلم بتوبة الله تعالي على من تاب وعفوه عز وجل عمن أناب، فقد بشّر النبي صلى الله عليه وسلم بان الوضوء يحط الخطايا وأن الصلاة وصيام رمضان والحج والعمرة كفارات لما بينها من الذنوب إلا الكبائر، وكما بشّر النبي صلى الله عليه وسلم من فقد عينيه بالجنة، وبشر من فقد ابنه بقصر في الجنة، وبشّر من أصابه مرض بأنه يمحو الخطايا، وأن من أراد الله تعالي به خيرا إبتلاه، وبشّر من إنتظر الصلاة أن الملائكة تصلي عليه وتدعو له ما لم يحدث، وبشّر النبي صلى الله عليه وسلم من سبح تسبيحة واحدة بغرس نخلة له في الجنة، وأن من قال سبحان الله وبحمده مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر، وأن من أذنب ذنبا ثم توضأ وصلى ركعتين واستغفر الله غفر الله له.
وكما بشّر النبي صلى الله عليه وسلم أن من أصابه مرض أو وصب أو نصب أو هم أو غمّ أو حزن حتى الشوكة يشاكها جعلها الله تعالي كفارة له من الذنوب، وجاء بكتاب عظيم وذكر حكيم يبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات بان لهم أجرا حسنا ونهاهم عن اليأس، فقال تعالي " إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون" وعن القنوط " ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون" ونهاهم عن الحزن " ولا تهنوا ولا تحزنوا " وفتح باب الغفران للتائبين من المسرفين فقال تعالي " قل يا عبادي الذين أسرفوا علي أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم " ولما أرسل رسله الى البلدان ودعاة الى الله قال لهم " بشّروا ولا تنفّروا، ويسّروا ولا تعسّروا" وحذر من التشديد والتنفير فقال.
" يا أيها الناس إن منكم منفّرين، من صلى بالناس فليخفف، فإن فيهم الكبير والصغير والمريض وذا الحاجة" رواه البخاري ومسلم، وذم المتكلفين في الدين، وبشّر السيدة عائشة رضي الله عنها ببراءة الله لها، وبشر كعب بن مالك بتوبة الله عليه، وبشر جابرا بأن الله كلم أباه، وبشر المسلمين بدخول زيد وجعفر وابن أبي رواحة الجنة، وبشر بلال بأنه سمع دفي نعليه في الجنة، وبشّر أبيّ بن كعب بأن الله ذكره في الملأ الأعلى، وبشّر العشرة بالجنة، وبشّر أهل بدر بأن الله قال لهم " اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم" رواه البخاري ومسلم، عن علي رضي الله عنه، وكما بشّر النبي صلى الله عليه وسلم أهل البيعة تحت الشجرة برضوان الله، وبشّر الذي لازم " قل هو الله أحد " بأن الله يحبه، وبشّر رجلا صلى معه وقد أصاب حدّا بأن الله غفر له، فكان من أعظم خصاله الحميدة صلى الله عليه وسلم إدخال البشرى على الناس وإسعادهم.
إضافة تعليق جديد