رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الجمعة 27 سبتمبر 2024 8:08 م توقيت القاهرة

اسرار الرجل الحديدي

الرجل الحديدي.................الجزء الحادى عشر   بقلم  / مالك عادل

الاجتماعات التى نتحدث عنها كان مبارك على علم كامل بها عبرمدير مخابراته الجنرال عمر سليمان، لكنه تصرف فى الأمر وفقا لمبدأ أنه طالما علمنا بها فأنها لاتعنى شيئا، خاصة وسط تأكيدات غريبة تأتيه عبر وزير داخليته حبيب العادلى عن سيطرته التامة على قيادات الإخوان، وحينها كان ينظر عمر سليمان أن العادلي هو وزير الداخلية الخطأ فى المكان والتوقيت الخطأ، فأن قناعة غريبة قد تولدت عند مبارك بأن العادلى استطاع حماية النظام على مدار سنوات، بعد موجة الإرهاب العاتية، وبالتالي فأنه أحيانا ما يتصرف بثقة أكبر تجاه جهاز الشرطة المصرية بأكثر مما يتعامل مع جهاز مخابراته، وبقى مبارك حائرا بين الاثنين إلى أن سقط فى النهاية.

وبعد ذلك عقد اجتماع بين ممثلين للإدارة الأمريكية وعنصر واحد من الموساد الإسرائيلى والإخوان فى مصر أثناء أحداث الثورة المصرية جرى فيه الاتفاق على الخطوط العريضة، والتى حددت بضمان أمن إسرائيل وضمان شكل من أشكال تصدير الغاز مع ضمان أمريكى بالتأثيرعلى دول الخليج لمنح تسهيلات مالية كبيرة وتعهد أمريكي بإسقاط جزء كبير من الديون المصرية لأمريكا وأوروبا.

وكانت هناك شروط أمريكية إسرائيلية على الإخوان، وهى امتناع الإخوان عن ترشيح أحد للانتخابات الرئاسية المصرية أو الظهور كسلطة حاكمة لمصر خلال الأعوام الصعبة التى تلت الثورة مباشرة، وهو ما ينأى بالجماعة عن مواجهة صعوبات جمة يتوقع الامريكان والموساد الإسرائيلى أنها لن تترك الرئيس القادم يكمل فترة ولايته.

وبالتالى تكون يد الإخوان نظيفة تماما حين يصعدون إلى منصة الحكم ووقتها فقط تبدأ المساعدات الملموسة فى الظهور ليجرى الربط بين صعود الإخوان للحكم وبين الانتعاش الاقتصادي، وهو ما سيترتب عليه استقرار الأوضاع الأمنية بشكل ملحوظ ووقتها يصبح الإخوان موجودين بإرادة شعبية وقبول عام يصعب على التيارات الأخرى صاحبة التوجهات المعادية فعليا للسياسة الامريكية، والتى تجد أن تحقيق قدرا من التواصل مع باقى ثورات المنطقة قادر على خنق المشروع الإسرائيلي.

ووفقا لهذا الاتفاق تمت الإطاحة بشخصيات أخرى حتى من داخل الإخوان كان منهم عبد المنعم أبوالفتوح الذى خرج من الإخوان فى مشهد غير مفهوم للبعض وفسره البعض تفسيرا تآمريا بينما الحقائق كات كما تقدم، ولكن الحقيقة أن أبو الفتوح لم يكن من داخل الدائرة الضيقة التي عقدت الاتفاق السابق إبرامه.

ولكن الأيام كشفت كعادتها عن عدم التزام الإخوان بالوعود، وكان ذلك بعد أن بدأت تسريبات تتحدث عن أن الجيش يدفع بمرشح موال له وهو ما استتبع فى النهاية عقد اجتماع طارىء لمكتب الإرشاد متابعة الأمر فأن تأكد لديهم أن هناك نية للأمريكان بأن يسمحوا بوصول أحد المحسوبين على الجيش للحكم فأنهم سيتصرفون بطريقتهم.

وطريقتهم هنا المقصود بها إثارة المزيد من الفوضى الحركة التى تهدد المنطقة بالفوضى، وهو ما يخشاه الأمريكان بالأساس، وليس أحد آخر فالأمريكان كانوا يريدون لمصر أن تستقر، خاصة قبل أن ينهى أوباما فترة رئاسته الأولى.

ومع ظهور وثيقة على السلمى، أصيب الإخوان بصدمة جعلتهم يتصورون الأمر بأنه اتفاق مواز تم بين الأمريكان والجيش، ولكن فى النهاية قرر الجنرال عمر سليمان بتفجير الأمر على طريقته.

لم يكن ترشح الفريق أحمد شفيق مزعجا للإخوان كما يظن البعض ،فداخل مكتب الإرشاد نفسه تم تداول الأمر بحضور كامل أعضائه النافذين، وكان الرأي الذي توصلوا إليه أن شفيق لن يكون أمامه سوى التعاون مع الإخوان لو قدر له أن يفوز. والغريب فى الأمر هنا أن هناك من ذهب إلى أن فوز شفيق سيكون أكثر ضررا من فوز حمدين صباحى على سبيل المثال، لكن كلمة الحسم جاءت من خيرت الشاطر الذى حدد موقف مكتب الإرشاد من الأمر، عندما قرر أن الاتفاق السابق إبرامه مع أمريكا وإسرائيل لن يتم الالتزام به، وأن على الجماعة أن تطرح مرشحها، مؤكدا أنه بعد فوز مرشح الإخوان لن يكون أمام أمريكا أو إسرائيل سوى مساعدة الرئيس القادم من منطق الأمر الواقع.

ولكن حملت الأيام بالنسبة للجماعة كثير من المتغيرات، خاصة عندما أعلن عمر سليمان ترشحه للرئاسة، وكان ذلك فوق احتمال مكتب الإرشاد الذى أدرك أن كل العلاقات التى يمكن أن يعولوا عليها مع أمريكا لن تكون كافية لمواجهة ما يملكه عمر سليمان من أوراق ضغط، وعندما ترشح عمر سليمان كان يرى أنه قد لايصبح رئيس مصر القادم، ولكن ما كان يدركه أنه سيفسد الاتفاق الذى تم بين الإخوان وأمريكا وإسرائيل.

الى اللقاء مع الجزء الثانى عشر

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.