بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الذي خلق فسوى وقدر فهدى وأشهد أن لا إله إلا الله أعطى كل شيء خلقه ثم هدى لا تحصى نعمه عدا ولا نطيق لها شكرا وأشهد أن محمدا عبده ورسوله النبي المصطفى والخليل المجتبى صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن على النهج اقتفى وسلم تسليما كثيرا ثم ما بعد لقد أوصي الإسلام بتربية الأبناء تربية إسلامية حسنة، وإن من أنواع التربية الحسنة هي التربية بالإشارة، والتربية بالإشارة تستخدم في بعض المواقف كأن يخطئ الطفل في وجود ضيوف أو في محفل فتكفيه إشارة باليد، أو نظرة غضب وذلك لأن إيقاع العقوبة قد يجعل الطفل معاندا، لأن الناس ينظرون إليه، وتستخدم الإشارة خاصة مع الأطفال ذوي الحس المرهف، ويدخل ضمنه التعريض بالكلام، فيقال إن طفلا صنع كذا وكذا، وعمله عمل ذميم، ولو كرر ذلك لعاقبته.
وهذا الأسلوب يحفظ كرامة الطفل ويؤدب بقية أهل البيت ممن يفعل الفعل نفسه دون علم المربي، وكما أن من أنواع التربية الحسنة هي التربية بالموعظة وهدي السلف، وتعتمد الموعظة على جانبين، فالجانب الأول وهو بيان الحق وتعرية المنكر، والثاني هو إثارة الوجدان، فيتأثر الطفل بتصحيح الخطأ وبيان الحق وتقل أخطاؤه، وأما إثارة الوجدان فتعمل عملها لأن النفس فيها استعداد للتأثر بما يلقى إليها، والموعظة تدفع الطفل إلى العمل المرغب فيه، ومن أنواع الموعظة، هو الموعظة بالقصة، وكلما كان القاص ذا أسلوب متميز جذاب إستطاع شد إنتباه الطفل والتأثير فيه، وهو أكثر الأساليب نجاحا، وأيضا الموعظة بالحوار، وهي تشد الإنتباه وتدفع الملل إذا كان العرض حيويا، وتتيح للمربي أن يعرف الشبهات التي تقع في نفس الطفل فيعالجها بالحكمة.
وأيضا الموعظة بضرب المثل الذي يقرب المعنى ويعين على الفهم، وكما هناك أيضا الموعظة بالحدث، فكلما حدث شيء معين وجب على المربي أن يستغله تربويا، كالتعليق على مشاهد الدمار الناتج عن الحروب والمجاعات ليذكر الطفل بنعم الله تعالي، فيؤثر هذا في النفس، لأنه في لحظة إنفعال ورقة فيكون لهذا التوجيه أثره البعيد، وللمربي في ذلك مخاطبة الطفل على قدر عقله، والتلطف في مخاطبته ليكون أدعى للقبول والرسوخ في نفسه، كما أنه يحسن إختيار الوقت المناسب فيراعي حالة الطفل النفسية ووقت إنشراح صدره وإنفراده عن الناس، وله أن يستغل وقت مرض الطفل لأنه في تلك الحال يجمع بين رقة القلب وصفاء الفطرة، وأما وعظه وقت لعبه أو أمام الأباعد فلا يحقق الفائدة، ويجب أن يحذر المربي من كثرة الوعظ، فيتخوله بالموعظة.
ويراعي الطفل حتى لا يمل، ولأن تأثير الموعظة مؤقت فيحسن تكرارها مع تباعد الأوقات، وكما أن من أنواع التربية الحسنة هي التربية بالعادة، وقد لفت النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم نظر الآباء إلى هذا النوع من التربية في حديثه صلى الله عليه وسلم الذي رواه عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده "مُروا أبناءكم بالصلاة لسبع سنين واضربوهم عليها لعشر سنين " فالثلاث سنوات كافية ليتعود فيها الإنسان على الصلاة، وكذلك جميع العبادات والأخلاق، فتصبح عادة راسخة في النفس، وقد تأكد ذلك في إرشاد الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه حيث قال "وعودوهم الخير، فإن الخير عادة" وبهذا تكون التربية بالعادة ليست خاصة بالشعائر التعبدية وحدها، بل تشمل الآداب وأنماط السلوك.
إضافة تعليق جديد