بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله ثم الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله كما ينبغى لجلال وجهك وعظيم سلطانك رضينا بالله تعالى ربا وبالاسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وآله وسلم نبيا ورسولا ثم اما بعد إنه لما كان شعبان كالمقدمة لرمضان شرع فيه ما يشرع في رمضان من الصيام وقراءة القرآن ليحصل التأهب لتلقي رمضان وترتاض النفوس بذلك على طاعة الرحمن، فقال سلمة بن كهيل كان يقال شهر شعبان شهر القراء، وكان حبيب بن أبي ثابت إذا دخل شعبان قال هذا شهر القرّاء، وكان عمرو بن قيس الملائي إذا دخل شعبان أغلق حانوته وتفرّغ لقراءة القرآن، وقال الإمام ابن القيم رحمه الله وفي صوم رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من غيره ثلاث معاني، أحدها أنه كان يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، فربما إنشغل عن الصيام أشهرا، فجمع ذلك في شعبان.
ليدركه قبل الصيام الفرض، وألامر الثاني وهو أنه فعل ذلك تعظيما لرمضان، وهذا الصوم يشبه سنة فرض الصلاة قبلها تعظيما لحقها، والأمر الثالث وهو أنه شهر ترفع فيه الأعمال فأحب النبي صلى الله عليه وسلم أن يرفع عمله وهو صائم، وقال الإمام ابن رجب الحنبلى رحمه الله تعالي فإن قيل فكيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يخص شعبان بصيام التطوع فيه مع أنه قال " أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم ؟" فالجواب هو أن جماعة من الناس أجابوا عن ذلك بأجوبة غير قوية لإعتقادهم أن صيام المحرم والأشهر الحرم أفضل من شعبان، كما صرح به الشافعية وغيرهم، والأظهر خلاف ذلك وأن صيام شعبان أفضل من صيام الأشهر الحرم، ويدل على ذلك ما خرجه الترمذي من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
عندما سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الصيام أفضل بعد رمضان ؟ قال " شعبان تعظيما لرمضان" وقال رحمه الله تعالي فإن قيل فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " أفضل الصيام صيام داود كان يصوم يوما ويفطر يوما" ولم يصم كذلك بل كان يصوم سردا ويفطر سردا ويصوم شعبان وكل اثنين وخميس ؟ قيل أن صيام داود الذي فضله النبي صلى الله عليه وسلم على الصيام، قد فسره النبي صلى الله عليه وسلم في حديث آخر، بأنه صوم شطر الدهر وكان صيام النبي صلى الله عليه وسلم إذا جمع يبلغ نصف الدهر أو يزيد عليه، وقد كان يصوم مع ما سبق ذكره يوم عاشوراء أو تسع ذي الحجة، وإنما كان يفرق صيامه ولا يصوم يوما ويفطر يوما لأنه كان يتحرى صيام الأوقات الفاضلة، ولا يضر تفريق الصيام والفطر أكثر من يوم.
ويوم إذا كان القصد به التقوى على ما هو أفضل من الصيام من أداء الرسالة وتبليغها والجهاد عليها والقيام بحقوقها فكان صيام يوم وفطر يوم يضعفه عن ذلك، ولهذا سئل النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي قتادة عمن يصوم يوما ويفطر يومين ؟ قال "وددت أني طوقت ذلك" وقد كان عبد الله بن عمرو بن العاص لما كبر يسرد الفطر أحيانا ليتقوى به على الصيام، ثم يعود فيصوم ما فاته محافظة على ما فارق عليه النبي صلى الله عليه وسلم من صيام شطر الدهر، فحصل للنبي صلى الله عليه وسلم أجر صيام شطر الدهر وأزيد منه بصيامه المتفرق، وحصل له أجر تتابع الصيام بتمنيه لذلك، وإنما عاقه عنه الإشتغال بما هو أهم منه وأفضل.
إضافة تعليق جديد