بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين ولي الصالحين ولا عدوان إلا على الظالمين والصلاة والسلام على إمام المتقين، وقدوة الناس أجمعين، وعلى آله وصحبه والتابعين ثم أما بعد لقد شرعت الشريعة الإسلامية للطفل حقوقا تجب له على وليه من الأب والأم ومن يقوم مقامهما لينشأ نشأة سوية في بدنه وينبت نباتا حسنا في شخصيته، فالأطفال جيل الغد ورجال المستقبل والخلف الذي يضمن لأمته استمرارها وإمتدادها على مر العصور والقرون، فكم من قوم إنقرضوا قديما بإنقراض عقبهم، وكم من أمم في هذا العصر مهددة بالزوال والإنقراض لقلة إنجابها كما هو الحال بالنسبة لشعوب أوروبا التي تسمى القارة العجوز لأن أكثر سكانها من الشيوخ والطاعنين في السن، وشبابها قليل الإنجاب، والإسلام دعا أمته إلى الإكثار من الأولاد وحثهم على إنشاء الخلف.
لما في ذلك من تكثير سواد أهل الإسلام وتعاقب أجيال المسلمين إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ويقول عز وجل " والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة" فجعل سبحانه الأولاد والأحفاد وهم الجيل الثاني للأبوين من نعمه على عباده وفضلا منه عليهم وجب عليهم أن يعرفوه ويشكروه، كما إعتبر الله سبحانه وتعالي أن الأولاد زينة الحياة وبهجتها ومسرة للوالدين فقال عز و جل " المال والبنون زينة الحياة الدنيا" وهذه المقارنة بين المال والأولاد تعني أن الحياة كما لا تستقيم بدون مال، حيث أنها لا تستقيم أيضا ولا تطيب بدون أولاد فكلاهما عنصران أساسيان لحياة طيبة والولد إنما يكون زينة الحياة إذا كان مطاوعا لوالديه بارا بهما حسن الخلق حميد السلوك أما إذا كان عاصيا زائغا عاقا لأبويه فانه يكون مبعث شقاء ونقمة لوالديهز
وذلك قول الله سبحانه وتعالي " يأيها الذين امنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدو لكم فاحذروهم" إلى أن قال "إنما أموالكم وأولادكم فتنة" وفي الآية تنبيه قوي إلى إحسان تربية الأولاد وإنشائهم على الإستقامة حتى لا يكونوا فتنة ولا عدوا لوالديهم، ويقول النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له " رواه مسلم، والحديث يحض كل إنسان أن يخلف بعده ولدا صالحا يدعو له ليبقى عمله جاريا له ما تعاقب الصالحون من أولاده وأحفاده، ويقول النبي صلى الله عليه و سلم " تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم " رواه أبو داود و النسائي، فالنبي صلى الله عليه وسلم يريد لأمته أن تكون أكثر الأمم أفرادا وعددا وأوسعها إنتشارا في الأرض لتضمن لنفسها الإستمرار.
وتعاقب أجيالها إلى ما شاء الله، وسعيا في إخراج هذه الأمة الإسلامية المنشودة وإبراز فضائلها للناس وضع الإسلام حقوقا مفروضة للطفل تكفل له نموا سليما وبدنا سويا وشخصية صالحة، حيث أن للطفل حقوق كثيرة ومن أهمها هو حق الحياة، حيث أول أن للطفل حقه في الحياة التي منحه ربه إياها فلا يجوز سلبه هذا الحق وحرمانه منه مهما كانت الدواعي والأسباب وقد كان العرب في جاهليتهم يقتلون أولادهم خشية الفقر ويقتلون بناتهم خوفا من العار الذي تجلبه لهم بناتهم كما يزعمون فأنكر الله عز وجل عليهم هذا الصنيع وسفه فعلهم فقال سبحانه تعالي " قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم " وكما قال تعالي " وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون"
إضافة تعليق جديد