بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي أراد فقدر وملك فقهر وخلق فأمر وعبد فأثاب وشكر وعصي فعذب وغفر، جعل مصير الذين كفرو إلي سقر والذين اقو ربهم إلي جنات ونهر ليجز الذين كفرو بما عملوا والذين امنوا بالحسنى، وأشهد إن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو علي كل شيء قدير، وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمد عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه، بلغ الرسالة وأدى الأمانة وكشف الظلمة وأحاط به الغمة وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، فصلوا عليه وسلموا تسليما، وعلي اله وأصحابه ومن سار على نهجه وتمسك بسنته وإقتدى بهديه واتبعهم بإحسان إلي يوم الدين ونحن معهم يا أرحم الراحمين ثم أما بعد إن للأشهر الحرم مكانة عظيمة ومنها شهر رجب لأنه أحد هذه الأشهر الحرم.
قال تعالى " يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام " أي لا تحلوا محرماته التي أمركم الله تعالي بتعظيمها ونهاكم عن إرتكابها فالنهي يشمل فعل القبيح ويشمل إعتقاده، وقال تعالى " فلا تظلموا فيهن أنفسكم " أي في هذه الأشهر المحرمة، والضمير في الآية عائد إلى هذه الأربعة الأشهر على ما قرره إمام المفسرين ابن جرير الطبري رحمه الله، فينبغي مراعاة حرمة هذه الأشهر لما خصها الله تعالي به من المنزلة والحذر من الوقوع في المعاصي والآثام تقديرا لما لها من حرمة ولأن المعاصي تعظم بسبب شرف الزمان الذي حرّمه الله تعالي ولذلك حذرنا الله عز وجل في الآية من ظلم النفس فيها مع أنه، أي ظلم النفس ويشمل المعاصي يحرم في جميع الشهور، فالحمد لله القائل " وربك يخلق ما يشاء ويختار " والإختيار هو الإجتباء والإصطفاء الدال على ربوبيته ووحدانيته.
وكمال حكمته وعلمه وقدرته، ومن إختياره وتفضيله هو إختياره بعض الأيام والشهور وتفضيلها على بعض، وقد إختار الله تعالي من بين الشهور أربعة حرما، وهي مقدرة بسير القمر وطلوعه لا بسير الشمس وإنتقالها كما يفعله الكفار، والأشهر الحرم وردت في الآيات القرآنية مبهمة ولم تحدد أسماؤها وجاءت السنة النبوية الشريفة بذكرها فعن أبي بكرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب في حجة الوداع وقال في خطبته إن الزمان قد إستدار كهيئة يوم خلق السماوات والأرض السنة إثنا عشر شهرا منها أربعة حرم ثلاث متواليات ذو القَعدة وذو الحجة والمحرم ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان" رواه البخاري، وسمي شهر رجب مضر لأن مضر كانت لا تغيره بل توقعه في وقته بخلاف باقي العرب الذين كانوا يغيّرون ويبدلون في الشهور.
بحسب حالة الحرب عندهم وهو النسيء المذكور في قوله تعالى " إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله " وقيل أن سبب نسبته إلى مضر أنها كانت تزيد في تعظيمه واحترامه فنسب إليهم لذلك، وأما عن سبب تسميته فقد قال ابن فارس في معجم مقاييس اللغة، رجب، الراء والجيم والباء هو أصل يدل على دعم شيء بشيء وتقويته، ومن هذا الباب هو رجبت الشيء أي قمت بتعظيمة، فسمي رجبا لأنهم كانوا يعظمونه وقد عظمته الشريعة الإسلامية أيضا.
إضافة تعليق جديد