الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت، وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين حق قدره ومقداره العظيم أما بعد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لا يستحب للرجل أن يحفر قبره قبل أن يموت، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك هو ولا أحد أصحابه وأيضا فإن الله تعالى يقول " وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت " والعبد لا يدري أين يموت وكم من أعدّ له قبرا وبنى عليه بناء وقُتل أو مات في بلد آخر وإذا كان مقصود الرجل الإستعداد للموت فهذا يكون بالعمل الصالح، وقال العلامة عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين رحمه الله.
الميت يعذب في البرزخ أو ينعم سواء قبر أم لم يُقبر، فإن كان من أهل الخير ناله النعيم والفرح والسرور وإن كان من أهل الشر ناله العذاب والألم والحزن الشديد ويبقى كذلك كل منهما في هذا البرزخ الذي هو بين الدنيا والآخرة، ويؤمن المؤمنون بأن هذا البرزخ حاجز بين الدنيا والآخرة، وأن الإنسان بعد مفارقته للدنيا لا تنعدم روحه، أما بدنه فإنه ينعدم ويفنى قد تأكله الأرض ويصير ترابا ورفاتا وقد يحرق ويذرى ولا يبقى له بقية ولكن روحه تبقى وهي التي يكون عليها العذاب والنعيم ويقدر الله تعالي أن يوصل إلى بدنه ولو كان ترابا ما يتألم به أو ما يتنعم به، والعبد متى آمن بهذا استعد له، فمتى صدقت بأن هذا القبر إما نعيم وإما جحيم، حملك ذلك على أن تتأهب بالأعمال الصالحة وبالعقيدة السليمة حتى تنجو من العذاب وحتى تسلم منه.
وحتى تظفر بالنعيم الذي هو مقدمة بين يدي نعيم الآخرة، وفي كتاب المحتضرين لابن أبي الدنيا، قال حاتم بن سليمان دخلنا على عبد العزيز بن سليمان وهو يجود بنفسه، فقلت كيف تجدك؟ قال أجدني أموت، فقال له بعض إخوانه على أية حال رحمك الله؟ فبكى، ثم قال ما نعول إلا على حسن الظن بالله، قال فما خرجنا من عنده حتى مات، وكما أن ينبغي علينا حسن الظن بالله عند الشدائد والكرب، فإن الثلاثة الذين تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تبوك لم يُكشف عنهم مابهم من كرب وضيق إلا بعدما أحسنوا الظن بربهم، وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه فلما أحسنوا الظن بالله رزقهم الله إياه، وأيضا عند ضيق العيش، فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من نزلت به فاقة فأنزلها بالناس لم تسد فاقته، ومن نزلت به فاقة.
فأنزلها بالله فيوشك الله له برزق عاجل أو آجل" وإنزالها بالله أن توقن وتظن أن الله تعالى يفرج عنك ويزيلها، وأيضا حسن الظن بالله عند غلبة الدّين، حيث يقول الزبير بن العوام لابنه عبد الله رضي الله عنهما يا بني إن عجزت عن شيء من ديني فاستعن عليه مولاي، قال عبد الله فو الله ما دريت ما أراد حتى قلت يا أبت من مولاك؟ قال الله، قال فو الله ما وقعت في كربة من دينه إلا قلت يا مولى الزبير اقض عنه دينه، فيقضيه، وأيضا حسن الظن بالله عند عند الدعاء، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة" رواه الترمذي، فإذا دعوت الله فعظم الرغبة فيما عنده، وأحسن الظن به.
إضافة تعليق جديد