كتب حسام الشرقاوي
يمر الواحد منا بلحظات خوف وفقدان ثقة وتوهان كبيرة يكون مردّها في الغالب لضعف الإيمان أو للتعلق بالماديات دون الروحانيات. ويغذّي هذه الحالات البعد عن الله وإهمال الطاعات والتهاون في أدائها أو تركها كلية، وهو أمر يلقي بظلاله السلبية على نفسية الإنسان مما يدخله في حلقة مفرغة من الطاقة السلبية تزداد مع مرور الوقت ليصل فيه الإنسان مرحلة اللاعودة والتي قد تتشكل في شكل أفكارٍ غريبة ورغبات سيئة وميول جانحة. الحل لا يكون إلا في الآتي:
الثقة بالله والتوكل عليه
لا تأتي الثقة إلا بالظن الحسن في الذات الإلهية والإيمان بما قدره لنا الله من أقدار خيرٍ كانت أو شر، واليقين بأنها من حكيمٍ خبير وأن ما قضى الله من قضاء هو خير وإن كان في ظاهره غير ذلك، فالله هو علام الغيوب وأعلم بما يناسبنا، والتوكل على الله في كل صغيرةٍ وكبيرة وأن تفوّض أمرك إلى الله. قل دائمًا {وأفوّض أمري إلى الله إن الله بصيرٌ بالعباد}
أداء الطاعات واجتناب المعاصي ما أمكن
من السهل أن نقدم النصح للآخرين، لكن تقبّل النصح والتطبيق ليس بالأمر الهين، فالنفس أمّارة بالسوء إلا من رحم ربي، وهي دائمة الركون إلى الراحة والدعة وتكره النصب والعنت والمشقة حتى وإن كانت أمورًا يسيرة كأداء الصلوات والنوافل. إذن لا بد من الهمة في اختيار الطريق المستقيم وغلق مداخل الشيطان إلى النفس وزجر النفس عن التقاعس ورمي الماضي البائس خلف الظهر والمضي إلى الأمام ما أمكن، ابدأ بالقليل ثم اذهب للكثير فالأمر يستحق ذلك.
تخيّر الصحبة الخيرة وتجنب صحبة السوء
الصحبة الخيرة هي الترياق الناجح ضد التقاعس والانحراف عن طريق الهداية، بل هي النبراس الذي ينير لنا الطريق ومنها نستمد الطاقة الإيجابية والتشجيع والمساندة الأخوية الصادقة التي لا تتأثر بالزمن ولا بالتغيرات المادية بل تزيدها المصائب قوةً وصلابة، فأول من تجده أمامك إذا ما ألمّت بك جائحة هم أهل الصحبة الخيرة، بينما يشكّل أصحاب السوء عقبة في طريق الرجوع إلى الله، فهي صحبة تهتم للملذات والمحرمات وتبديد الطاقات والأوقات والأموال في الطريق الخاطئ، وصاحب السوء له مقدرة في تزيين السوء لما له من حيل خبيثة في ذلك، وكل طريق يتبعه يبعدك عن معية الله سبحانه وتعالى فلا بد من تخير الصحبة الخيرة في كل حينٍ وآن.
الصدقات وأعمال الخير
الصدقة من أعظم الأعمال عند الله تعالى لما لها من أثرٍ طيبٍ على كل الأطراف سواءً من الباذل أو من المنتفع، ففيها رفع للمسغبة وإعانة للضعيف ودرء للمفاسد ومدخلًا لسعادة الغير، وليس بالضرورة أن تكون الصدقة شيئًا ماديًا أو عينيًا يكفيك فقط الابتسام وإفشاء السلام وإدخال السرور إلى النفس البشرية دون اعتبار لجنسٍ أو لون أو دين، بل على كل نفس حتى وإن لم تكن نفسًا بشرية لحثّ النبي صلى الله عليه وسلم على عمل الخير ولو على الحيوان بنص الحديث (في كل كبد رطبة أجر).
ومن أعمال الخير التطوع في الجمعيات الخيرية العامة وتقديم المساعدات للآخرين كالمشاركة في النظافة العامة أو محو الأمية أو إيواء المشردين أو الأعمال الإرشادية والتوعوية المختلفة، فأبواب الخير كثيرة حتى إماطة الأذى عن الطريق فيه أجر. عمل الخير ينعكس بصورةٍ مباشرة على نفسية فاعله مما يجعله شخصًا إيجابيًا منفتحًا محبًا للحياة وللآخرين. كما أنه يجعل منك شخصًا مؤمنًا مثمرًا.
ملء الفراغ بالأعمال المثمرة
يشكّل الفراغ أكبر مدخل للطاقات السلبية لما له من تأثير على العقل البشري الذي لا يتوقف عن التفكير، فالإنسان المنشغل بعمل طيب لا يفكر إلا فيما يعمل به، أما الإنسان الفارغ فلا يقوده عقله إلا إلى الوسواس والتخيلات والأوهام ثم المقارنات مع الآخرين خاصةً مع الناجحين من الأقران ومن هنا ينفتح الباب للحسد والحقد الاجتماعي والتطرف الفكري وفقدان السيطرة على الذات لتحل مصيبة الضياع الكبير وفقدان الرغبة في الحياة بالانتحار أو الانضمام إلى شذاذ الآفاق والموتورين من المتطرفين والتغذي بالأفكار الهدامة وقد تفضي بك إلى الموت لا سمح الله في الطريق والذي ليس له نهاية إلا الجحيم حفظنا الله وإياكم.
ممارسة الرياضة
العقل السليم في الجسم السليم مقولة توراثها الأجيال وفيها تلخيص لأهمية الرياضة، فبالاضافة إلى كمال الصحة وبناء الأجساد الصحيحة القوية فإن الرياضة منهجًا طيبًا لبناء العلاقات الاجتماعية (الرياضات الجماعية مثال) وسيلة لاكتشاف الذات والمقدرات التي تتمتع بها، خلق روح المنافسة وتعويد النفس على السعي النجاح والتميز. إفراغ الطاقات السالبة والتنفيس عن الرغبات السيئة، زيادة الثقة في النفس وتحمل المسئولية.
إضافة تعليق جديد