رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الأربعاء 26 يونيو 2024 2:23 م توقيت القاهرة

الدكروري يكتب عن التلبية إعلان للتوحيد

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد ما أعظم الحج وشعائره، وما أدله على توحيد الله تعالى وتعظيمه، والحاج حين يبلغ الميقات يتجرد من لباسه المعتاد، ويلبس ما لا يعتاد ولو كان فيه مشقة فإن مفارقة المألوف شاق على النفوس، وهو كذلك يجتنب محظورات الإحرام، لا يفعل ذلك لمصلحة مالية، أو مراعاة طبية، أو غيرها، بل يفعله طاعة لله تعالى، وإيمانا بأنه سبحانه فرض الحج، وأوجب على الحاج أن يفعل ذلك، وهذه الطاعة في ترك ما هو مألوف، وفعل غير المألوف، وإجتناب المحبوب ما هي إلا مظهر من مظاهر توحيد الله تعالى والإيمان به، وأول جملة ينطق بها الحاج حال دخوله النسك هي التلبية، والتلبية إعلان للتوحيد ونبذ للشرك. 

وهذه التلبية العظيمة هي إهلال بالتوحيد، فكانت هذه التلبية المباركة هي أفضل صيغ التلبية لإلتزام النبي صلى الله عليه وسلم بها، وعدم زيادته عليها ولما تضمنته من معاني التوحيد، والبراءة من الشرك ولما فيها من الإستجابة لدعوة الخليل عليه السلام، حين أذن في الناس بالحج فإن معناها هو إجابة لك بعد إجابة، إجابة خالصة لا شرك فيها، وتضمنت التلبية كذلك حمد الله تعالى، والإقرار بنعمه الظاهرة والباطنة، وبأنه عز وجل مالك الملك، وكل ذلك من مظاهر توحيد الله تعالى في تلك التلبية المباركة، وهي رد على تلبية المشركين، فالحمد لله الذي شرع الحج لعباده المؤمنين، والحمد لله الذي جعل البيت مثابة للناس وأمنا، والحمد لله الذي هدانا لهذا الدين الحنيف، فاتقوا الله تعالى وأطيعوه.

فيا أيها المسلمون، ها نحن أولاء مقبلون على موسم الحج، تلكم الرحلة المباركة التي تتوق وتهفو إليها قلوب عباد الله المؤمنين إستجابة لدعوة خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام كما قال الله تعالى على لسانه كما جاء في سورة إبراهيم " فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون " فالحج أحد أركان ديننا العظيم، حيث قال تعالى جاء في سورة آل عمران " ولله علي الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين " وكذا أخرج لبخاري ومسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " بني الإسلام علي خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والحج وصوم رمضان " هذا وقد فرض الله الحج مرة واحدة في العمر على المستطيع.

فقد أخرج الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال " خطبنا رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال " أيها الناس قد فرض عليكم الحج فحجوا فقال رجل أكل عام يا رسول الله، فسكت حتى قالها ثلاثا، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم لو قلت نعم، لوجبت ولما استطعتم، ثم قال صلي الله عليه وسلم ذروني ما تركتكم، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه" فيا أيها المسلمون، ولكن على الحاج قبل أن يتوجه لهذه الرحلة المباركة أن يقوم ببعض الأشياء المهمة حتى يكون حجه أرجى للقبول إن شاء الله تعالى، مثل الإخلاص النية لله سبحانه وتعالى، وهل بعد إخلاص النية لله شيء؟ فمدار الأعمال في الإسلام قائم على إخلاص النية لله سبحانه وتعالى. 

فقال الله تعالى كما جاء في سورة البينة "وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة" وقال الله تعالى أيضا كما جاء في سورة الكهف " فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه احدا " وأخرج الإمام البخاري في صحيحه من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوي، فمن كانت هجرته إلي دنيا يصيبها أو إلي امرأة ينكحها فهجرته إلي ما هاجر إليه" وفى هذا إشارة لكل من كان في نية حجه عدم إخلاص العمل لله أن يخلص النية لخالقه.

وفى هذا الموقف يروى عن الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال "الركب كثير والحاج قليل" والمعنى أن حجاج بيت الله كثر، لكن أصحاب النية الصحيحة قليل، فمن الناس من يذهب للحج ليحصل على هذا اللقب، وهو نوع من الرياء نعود بالله منه.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.