رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الأحد 29 سبتمبر 2024 1:08 ص توقيت القاهرة

الدكروري يكتب عن قصة التكذيب والجحود

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى صحابته الغر الميامين، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، ثم أما بعد إن قصة قوم ثمود هي قصة التكذيب والجحود لنعم الله تعالى وهي قصة النكوص عن أوامر الله والأمن من عقابه وهي عاقبة المترفين الذين اغترُوا بالنعم وبالقوة والرجال وظنوا من فرط غبائهم أن القوة التي جعلتهم ينحتون الجبال ستمنعهم من قوة الله وبطشه وعذابه وتناسوا قوة الله الغالبة والتي لا ترد عن القوم المجرمين فتلك مدائن صالح باقية إلى يومنا هذا شاهدة على كفرهم وتلك البئر التي كانت الناقة تشرب من مائها شاهدة أيضا على إخلافهم لوعد الله تعالى حين قتلوها " وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون " ولقد ذكر الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم قصص الأنبياء وسيرة المرسلين لنستخلص منها الدروس والعظات. 

ولنستلهم منها العبر ولنتفكر في أمرهم ونقتدي بأفعالهم وأقوالهم فالعاقل من وعظ بغيره ونعيش لحظات طيبة مع قصة نبي الله صالح عليه السلام والله تعالي بعث صالحا إلى قومه حين راهق الحلم، وكان رجلا أحمر إلى البياض سبط الشعر وكان يمشي حافيا وقد أرسل الله تعالى نبيه صالح إلى قوم ثمود وهم قبيلة مشهوة يقال لهم ثمود وذلك بإسم جدهم ثمود أخي جديس، وهما ابنا عاثر بن إرم بن سام بن نوح عليه السلام، وكانوا أعرابا من العاربة يسكنون الحجر الذي بين الحجاز وتبوك وأما عن نسبه فهو صالح بن عبيد بن ماسح بن عبيد بن حادر بن ثمود بن عاثر بن إرم بن نوح، واختلف المؤرخون في أصل ثمود وزمن وجودهم فقال بعضهم إنهم بقية من قوم عاد وقال آخرون إنهم بقية من العماليق انتقلوا من غرب الفرات إلى الحِجر.

ويرى بعض المؤرخين من المستشرقين أنهم قوم من اليهود سكنوا تلك الناحية ولم يدخلوا فلسطين، وهذا الرأي لا شك أنه باطل لأن اليهود لم يعرفوا إلا بعد خروج موسى عليه السلام ببني إسرائيل من أرض مصر فكيف يكونون يهودا ؟ وأصح الأقوال أن قوم ثمود كانوا عربا من بقايا عاد ويؤيِد هذا الرأي قول الله تعالى "واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد وبوأكم في الأرض تتخذون من سهولها قصورا وتنحتون الجبال بيوتا فاذكروا آلاء الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين " فكان بعض قوم ثمود يسكن الأحقاف وبعضهم يسكن الحجر، وأما عن زمن وجودهم فقد قال ابن كثير رحمه الله وأما زمن وجودهم فلم يعلم بالضبط إلا إنهم كانوا بعد عاد وقبل ميلاد زمن موسى عليه السلام بدليل قول مؤمن آل فرعون. 

"وقال الذي آمن يا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم وما الله يريد ظلما للعباد" وكان قوم ثمود يتمتعون بقوة هائلة في الأجسام فنحتوا الجبال وجعلوها بيوتا ومن رأى مدائن ثمود التي مر عليها الآلاف من السنين وكيف تفننوا في نحت الجبال وتزيينها ويدرك صدق القرآن حينما قال "وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين" ومع قوة أجسامهم فهم لم يكن معهم قوة في العقول فآثروا الكفر على الإيمان والباطل على الحق، فعبدوا الأوثان من دون الله لأنها عبادة من سلف من آبائهم وأجدادهم، وما أصعب خلق الإنسان وصلابته حين ينشأ في بيئة عاشت على الضلال وعلى الغواية حتى اعتقد أنها على الحق وغيرها على الباطل وإن هذا الإنسان الذي عمي قلبه عن الحق في حاجة إلى منفذ ينتشله من هذا الجو الموبوء. 

ولهذا تجلت رحمة الله في هؤلاء القوم حين بعث لهم رسولا كريما منهم يعرفون حسبه ونسبه وخلقه يدعى صالح عليه السلام فبُعث صالح إليهم يدعوهم إلى الله تعالى ويذكرهم بنعم الله عليهم لأن الإنسان قد يتقلب في نعم الله في صباحه ومسائه ثم مع إلفه للنعم يجحد النعمة وينسى شكر المنعم جل جلاله فذكرهم صالح بنعم الله عليهم لعلهم يتذكرون وعلهم تلين قلوبهم، فبعث الله سبحانه وتعالى صالحا عليه السلام، الى قومه وهم الذين فجروا العيون وغرسوا الحدائق والبساتين، ونحتوا من الجبال بيوتا، وأمنوا غوائل الدهر ونوائب الحدثان، وكانوا في سعة من العيش، ورغد ونعمة وترف، ولكنهم لم يشكروا الله، ولم يحمدوا له فضله، بل زادوا عتوا في الأرض وفسادا، وبُعدا عن الحق واستكبارا، وعبدوا الأوثان من دون الله، وأشركوا به، وأعرضوا عن آياته، وظنوا أنهم في هذا النعيم خالدون، وفي تلك السّعة متروكون.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.