رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الثلاثاء 21 مايو 2024 8:41 م توقيت القاهرة

الدكروري يكتب عن الذي لا يأمن جاره بوائقه

بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الثلاثاء الموافق 30 ابريل 2024

الحمد لله فتح بابه للطالبين وأظهر غناه للراغبين، وبسط يده للسائلين، قصدته الخلائق بحاجاتها فقضاها، وتوجهت له القلوب بلهفاتها فهداها، وضجت إليه أصوات ذوي الحاجات فسمعها، ووثقت بعفوه هفوات المذنبين فوسعها، وطمعت بكرمه آمال المحسنين فما قطع طمعها، بابه الكريم مناخ الآمال ومحط الأوزار، لا ملجأ للعباد إلا إليه ولا معتمد إلا عليه، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله، وصفيه وخليله وخيرته من خلقه وأمينه على وحيه أرسله ربه رحمة للعالمين وحجة على العباد أجمعين فهدى الله به من الضلالة وبصر به من الجهالة وكثر به بعد القلة وأغنى به بعد العيلة ولمّ به بعد الشتات وأمّن به بعد الخوف فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطيبين وأصحابه الغر وسلم تسليما كثيرا، ثم أما بعد يقول النبى صلى الله عليه وسلم. 

" لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن قيل من يا رسول الله قال الذي لا يأمن جاره بوائقه" قلت وما بوائقة؟ قال غشه وظلمه" فغشك لجارك وخيانتك لجارك ينافي كمال إيمانك ومن غش المسلم أن تغشه في البيع والشراء فإن هذا من كبائر الذنوب أن تخدعه بمبايعتك له وشرائك منه، فتغشه وتخدعه بأن تظهر له الخداع الواقع وهذا من المصائب العظيمة فيقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم " من حمل علينا السلاح فليس منا ومن غشنا فليس منا" فانظر هنا إلى اقتران الأمرين لأن الأصل حُرمة أموال المسلمين بغير حق وحرمة دمائهم بغير حقـ فيقول صلى الله عليه وسلم " المؤمن من أمنه الناس علي دمائهم وأموالهم" فمن حمل السلاح فليس منا لأن حامل السلاح يهدد أمننا واستقرارنا ومن غشنا فليس منا لأنه لو كان مؤمنا ما غش أخاه المسلم بل يصدقه. 

ويوضح له النبى صلى الله عليه وسلم فيقول "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما" وكذلك من صور الغش، هو إخفاء عيوب السلع وعدم نشرها وبيان المُشتري فإن هذا من الغش، والنبي المصطفى صلى الله عليه وسلم دخل السوق يوما فرأى بائع طعام فأدخل يديه في الطعام فرأى فيه رطبا وأرى فيه يبسا فقال "ما هذا يا صاحب الطعام؟ قال أصابته السماء يا رسول الله قال " أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس من غش فليس مني فهلا جعلته فوق الطعام يراه الناس، من غشنا فليس منا" وإن من أنواع الغش أيضا هو أن تظهر السلع بأنها سلع أساسية نافعة مفيدة تجارية، ولكنها أصلية أعظم من غيرها وتظهر عليها شعار مبيعات معروفة بالجودة والإتقان، والواقع خلاف ذلك فيرى هذا الإعلان عليها. 

وهذه المواصفات عليها يظن أنها الصدق والواقع أنها مغشوشة ظاهرها السلامة ولكن باطنها غش وخيانة في كل أمورها، فيظن المشتري سلامة ذلك والواقع خلاف ذلك، وربما حدث أيمانا فاترة لأن هذه السلعة سلعة جيدة أصلية ولكنها على خلاف الواقع وهذا كله من الغش والخيانة، ومن الغش أن بعض الباعة يبيعون سلع قد انتهى صلاحيتها ولم تبقى صالحة للاستعمال، فيبيعها ويغش بالناس بها " لأن دائما التجارة تكشف عن هؤلاء الغشاشين الذين يبيعون السلع الفاسدة وخضراوات فاسدة وكل ذلك حرام لا يجوز، فأنواع الغش كثيرة جدا ومتعددة لا يجمعها أنواع البيع على خلاف الواقع والواجب علينا تقوى الله وعدم الغش والصدق في القول والعمل، فإن كل ما يدخل عليه بغير حق فإنه حرام عليه لا يجوز له ويقول النبى صلى الله عليه وسلم. 

"إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا وإن الله أمر المؤمنين بما امر به المرسلين" وإذا كان الغش وهو تقديم الباطل في ثوب الحق مذموما في الطعام فكيف بالغش في الوظيفة والعمل والتوجيه والإرشاد وفي جميع شئون معاملة الإنسان لأخيه، ولهذا كان السلف يفهمون مدى خطورة الغش ويطبقون أحاديث المصطفى  فكانوا يبينون ولا يكتمون، ويصدقون ولا يكذبون، وينصحون ولا يغشون، عرفوا بحق قول النبي " لا يحل لإمرئ يبيع سلعة يعلم بها داء أي عيبا الا أخبر به " وتزداد حرمة الغش إذا صاحبته اليمين الكاذبة، يحلف وهو كاذب كما قال صلى الله عليه وسلم " الحلف منفقة للسلعة ممحقة للبركة "

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.