بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأحد الموافق 31 مارس 2024
الحمد لله رب العالمين اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد إن قلوب البشر لها آفات وعلل، وأمرض وأسقام، والحسد من الأمراض العظيمة التي تصيب القلوب، ولا تداوي أمراض القلوب إلا بالعلم والعمل، والعلم النافع لمرض الحسد هو أن يعرف الإنسان أن الحسد ضرر عليه في الدنيا والدين، أما في الدين فيعني سخطك على قضاء الله تعالى، وهو تعبير عن كراهيتك نعمته التي قسمها بين عباده، وعدله الذي أقامه في ملكه بحكمته، فاستنكرت وكرهت وتبرمت من ما قضاه الله وقدّره واختاره لعبده وهذه جناية كبرى على التوحيد والإيمان والدين.
وأما كونه ضررا عليك في الدنيا، فهو ألمك فيها، وعذابك بها، فالذين تحسدهم لا يخليهم الله من نعم يفيضها عليهم بسبب حسدك، فلا تزال تتألم بكل نعمة تراها، وتتعذب بكل بلية تصرف عنهم، فتبقى مغموما محروما، فحسدك نار تحرق بها نفسك دون أن تحرق بها الآخرين، ومن أمراض القلوب حب الدنيا فكرا وطلبا وتمتعا والإعراض عن الآخرة، ومن اتخذ الدنيا ربّا اتخذته عبدا، والعاقل من يرضى منها بالقليل مع سلامة الدين، كما رضي أهل الدنيا بقليل الدين مع سلامة الدنيا، ومن أحب شيئا أكثر من ذكره، وقال الله تعالى "إن الله لا يحب كل مختال فخور" وقال صلي الله عليه وسلم "قال الله تعالى العظمة إزاري والكبرياء ردائي فمن نازعني فيهما ألقيته في النار" رواه مسلم، وقال صلي الله عليه وسلم " اختصمت الجنة والنار فقالت الجنة مالي ما يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقطهم
وقالت النار أوثرت بالجبارين والمتكبرين" وقال الله تعالى "ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور" أي لا تمل خدك معرضا متكبرا والمرح التبختر، ولقد بلغ من عظم ومكانة الأخلاق في الإسلام أن حصر رسول الله صلى الله عليه وسلم، مهمة بعثته وغاية دعوته في كلمة عظيمة وهى الأخلاق، وإن أزمتنا اليوم هى أزمة أخلاق، وقال سلمة بن الأكوع أكل رجل عند رسول الله صلي الله عليه وسلم بشماله قال كل بيمينك قال لا أستطيع فقال لا استطعت ما منعه إلا الكبر فما رفعها إلى فيه بعد" رواه مسلم، وقال عليه الصلاة والسلام "ألا أخبركم بأهل النار كل عتل جواظ مستكبر" والعتل هو الغليظ الجافي والجواظ هو الجموع المنوع وقيل الضخم المختال في مشيته وقيل البطين، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال.
سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول ما من رجل يختال في مشيته ويتعاظم في نفسه إلا لقي الله وهو عليه غضبان" وكما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أول ثلاثة يدخلون النار أمير مسلط أي ظالم وغني لا يؤدي الزكاة وفقير فخور، وفي صحيح البخاري عن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال "ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب" والمسبل هو الذي يسبل إزاره أو ثيابه أو سراويله حتى يكون إلى قدميه لأنه قال "ما أسبل من الكعبين من الإزار فهو في النار" وأشر الكبر الذي فيه من يتكبر على العباد بعلمه ويتعاظم في نفسه بفضيلته، فإن هذا لم ينفعه علمه فإن من طلب العلم للآخرة كسره علمه وخشع قلبه واستكانت نفسه.
وكان على نفسه بالمرصاد فلا يفتر عنها بل يحاسبها كل وقت ويتفقدها فإن غفل عنها جمحت عن الطريق المستقيم وأهلكته ومن طلب العلم للفخر والرياسة وبطر على المسلمين وتحامق عليهم وازدراهم فهذا من أكبر الكبر ولا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
إضافة تعليق جديد