رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الجمعة 28 يونيو 2024 5:44 م توقيت القاهرة

الدكروري يكتب عن تظلك يوم القيامة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله الرحيم الرحمن، علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أنزل القرآن هدى للناس وبينات من الهدي والفرقان، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله سيد ولد عدنان، صلى عليه الله وملائكته والمؤمنون، وعلى آله وأزواجه وخلفائه وجميع أصحابه ومن تبعهم بإحسان ثم أما بعد، إن من ثمرات الصدقات أنها تظلك يوم القيامة وتحول بينك وبين حر الشمس حينما تدنو من رؤوس العباد، ومن ثمرات الصدقات أنها تدخلك الجنة من باب الصدقة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم " ومن كان من أهل الصدقه دعى من باب الصدقه " متفق عليه، ومن ثمرات الصدقات أن الله يضاعف لك أجرها إلى سبعمائة ضعف يوم القيامة فعن أبي مسعود الأنصارى قال جاء رجل بناقة مخطومة، فقال هذه في سبيل الله. 

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لك بها يوم القيامة سبعمائة ناقة كلها مخطومة" رواه مسلم، وبعد أن رغب الله عز وجل في الإنفاق، حذر من البخل والإمساك، وأخبر أن الممسكين عن الإنفاق سيندمون فى ساعة لا ينفع فيها الندم، وهم على فراش الموت قادمين على الله تعالى، وإن الإنسان ليندهش من بعض أصحاب الأموال الذين يملكون الآلاف والملايين، ثم تشح أيديهم بقليل من المال ينفقونه في سبيل الله حتى على أنفسهم أحيانا، وإني لأسألك لمن تدخر هذا المال؟ ولم يبق لك من هذه الحياة إلا سنوات أو أيام معدودات لا سيما إن تجاوزت السبعين، لم يبق من عمرك إلا كالشمس على رؤوس الجبال عند غروبها، فأنت لا تدرى أيصبحك الموت أم يمسيك، ولقد دعاكما الله ورسوله إلى الإنفاق في أبواب الخير، وهي كثيرة دعاكما إلى الإنفاق لإطعام جائع، أو تفطير صائم، 

أو كسوة عار، أو إغاثة ملهوف، أو كفالة يتيم مات أبوه، أو إلى الإنفاق في أى باب، وإياك أن تتعلل بخوف الفقر وأنت الذى تملك الآف الجنيهات، بل ملايينها، وإياك أن تحتج بأنه ليس لديك أموالا نقدية للإنفاق، فأقول لك ليس ضروريا أن تكون الصدقة التي دعاك الله إليها أموال نقدية، بل قد تكون الصدقة أرضا، أو سيارة، أو عمارة، أو بيتا، أو شقة تجعلها وقفا في سبيل الله، يعود ريعها على الفقراء والأيتام والمساكين والمشاريع الخيرية وما أكثرها، ويعود أجرها عليك ولو بعد وفاتك، وإياك أن تقول أخشى أن لا تصل الصدقة إلى مستحقيها، وقد علمت أن إخوانك يوصلونها، فإن المال هو العنصر المفقود في معظم الأعمال الخيرية الإسلامية، فقد وجدنا المسلمين قادرين بإذن الله على أن يقوموا بالدعوة، ونشر الخير، وإحياء الجهاد في سبيل الله، ولا ينقصهم في ذلك كله إلا المال.

والله قد جعل المال بيدك خازنا له وأمينا عليه، أفيسرك أن يُكوى به جنبك وجبينك وظهرك يوم يقوم الناس لرب العالمين؟ إذن فأسرع في الإنفاق من مالك وأنت على قيد الحياة قبل أن يتحول هذا المال الذي تعبت في تحصيله طيلة حياتك إلى ورثتك، الذين هم بين أمرين، إما أن يتقوا الله فيه، فيكون ذلك في ميزان حسناتهم يوم القيامة، ورحم الله يحي بن معاذ الذي قال"مصيبتان للعبد في ماله عند موته لا تسمع الخلائق بمثلهما، قيل ما هما؟ قال يؤخذ منه كله، ويسأل عنه كله" فعليك أن تفكر قليلا من سيتصدق عنك غدا؟ ومن سيحج عنك إن لم تكن قد حججت بعد؟ ومن سيدعو لك؟ ربما من تصدقت عليه يدعو لك، وابنك الذى يرثك لا يذكرك بدعوة صالحة، بل إن صدقة جارية تتركها من بعدك قد تكون خيرا لك من ابنك الذي ورث مالك.

ولم يذكرك بدعوة صالحة أو بصدقة يتصدقها عنك بعد وفاتك، وهذه حقيقة لا أقولها من فراغ، أين أبناء هذه البلاد الذين يدعون الله لآبائهم وأمهاتهم وهم على قيد الحياة؟ فضلا عن أن يدعوا لهم أو يتصدقوا عنه بعد الوفاة، هل رأيت ابنك يوما رافعا يديه إلى الله يدعو لك بدعوة صالحة؟ فأنا أرجو ذلك، واسمع ماذا قال الحسن البصري رحمه الله "بئس الرفيقان، الدينار والدرهم، لا ينفعانك حتى يفارقاك"

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.