بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله السميع البصير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، ثم أما بعد إن الأمانة أمر عظيم في الإسلام فقد جعلها النبي المصطغي صلى الله عليه وسلم من علامات الإيمان، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم" رواه الترمذي، وعن أنس بن مالك قال ما خطبنا نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم إلى أن قال "لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له" وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه "لا تغرّني صلاة امرئ ولا صومه، من شاء صام، ومن شاء صلى، لا دين لمن لا أمانة له"
والهدف من هذا التعبير ليس تقليلا من شأن الصلاة والركوع والسجود والخشوع، بل الهدف هو أن هذه الأمور ليست هي العلامة الوحيدة لإيمان الفرد، بل هناك ركنان أساسيان لدين الشخص وهما الصدق والأمانة اللذان هما ثمرة العبادات والطاعات، وإن طمأنينة النفس وراحة الضمير وسعادة الفرد والمجتمع لا تنبع إلا من خلال قيم وأخلاق حميدة، ينبغي أن تمارس سلوكا في الحياة، في السراء والضراء وعند اشتداد الفتن وكثرة المشاكل وإحتدام الصراعات فالأخلاق ثابتة لا تتغير ولا تتبدل لأنها فطرة الله تعالي التي فطر الناس عليها ودين أمر الله بإقامته، وربطها بالأجر والثواب والخيرية والفلاح في الدنيا والآخرة، والأمانة من هذه الأخلاق، بل هي أعظمها أهمية وأثرا في حياة الأفراد والمجتمعات والشعوب، ويوم أن فقدناها رأينا الخيانة، والتساهل والتقصير والتهرب من المسئولية.
والغش والتحايل، والظلم والفساد، والبغي في أخلاق الناس وسلوكياتهم، ففسدت الحياة، وساءت العلاقات بين البشر، وضعف الإنتاج ودمرت دول ومجتمعات، لذلك حرص الإسلام على أدائها في كل عمل، في العبادات والمعاملات، وفي البيع والشراء، وفي الوظائف والأعمال وتولى المناصب، وفي التعامل الأسري وتربية الأولاد، وحتى في معاملة غير المسلم لا بد أن يتخلق المسلم بالأمانة وقد وصف الله أهل الإيمان فقال كما جاء في سورة المؤمنون " والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون" والأمانة تعم جميع وظائف الدين على الصحيح من الأقوال، ولقد بيّن المصطفى صلى الله عليه وسلم أن حفظ الأمانة وأدائها سبب من أسباب دخول الجنة، فعن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "اضمنوا لي ستا من أنفسكم أضمن لكم الجنة، اصدقوا إذا حدثتم، وأوفوا إذا وعدتم، وأدوا إذا اؤتمنتم، واحفظوا وغضوا أبصاركم وكفوا أيديكم"
ولقد أصبحنا اليوم نبحث عن التاجر الأمين، والعامل الأمين، والطبيب صاحب الأمانة، والبائع الذي يتعامل بالأمانة، والموظف والمعلم والمقاول، والضابط والصيدلي والمهندس، وغير ذلك فلا نجد إلا القليل فالأمانة أصبحت عملة نادرة بسبب الغفلة عن الآخرة، وحب الدنيا والبعد عن الدين وتعاليمه، وعدم إدراك خطورة ضياع الأمانة في حياة الناس، وقد حذر المصطفي صلى الله عليه وسلم من زمن تقلب الحقائق وتزور الوقائع وتغير العناوين فقال "سيأتي على الناس سنوات خداعات يصدّق فيها الكاذب، ويُكذّب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويُخوّن فيها الأمين، وينطق فيها الروبيضة" قيل وما الروبيضة؟ قال "الرجل التافه يتكلم في أمر العامة" رواه ابن ماجة.
إضافة تعليق جديد