بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الخميس الموافق 7 مارس 2024
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه وخليله وخيرته من خلقه صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية كما جاء في كتب الفقه الإسلامي الكثير والكثير عن فضائل شهر رمضان وعن إنتصارات المسلمين في شهر رمضان، فكان يوم الجمعة يوم السابع عشر من رمضان هو يوم الفرقان، هذا اليوم التقى الجمعان ووقعت أول معركة فى الإسلام وحدثت أول غزوة بين المسلمين وبين الكفار، وفى هذا اليوم وقعت المعركة الكبرى والغزوة العظمى بين الحق والباطل بين الشرك والتوحيد بين الإسلام والجاهلية، وكان سبب الغزوة هو قافلة لقريش، فهي قريش التى طردت المسلمين من مكة واضطرتهم إلى الهجرة إلى المدينة.
قريش التى استحوذت على أموال المسلمين المهاجرين من مكة إلى المدينة، قريش التي استضعفت المسلمين وحاصرتهم تحركت قافلتها، التي تضم ألف بعير محملة بالبضائع من الشام إلى مكة، وإنها فرصة المسلمين لقهر قريش وإذلالها وتمريغ أنفها في التراب وفرصة لهم لاسترجاع جزءا من أموالهم التي استولت عليها قريش واستحوذت عليها في مكة، ولكن العجيب في الأمر والسؤال الذي يطرح نفسه كيف عرف المسلمون تحركات القافلة؟ وما يدريهم بتفاصيلها؟ فإن هذا يدلنا على أن القائد الأعلى للمسلمين صلى الله عليه وسلم كان يقظا متابعا عارفا بتحركات المشركين راصدا لأخبارهم لديه استطلاعات قوية واستخبارات عسكرية وسرايا استكشافية توصل له الأخبار وترصد له تحركات العدو فصلى الله عليك يا رسول الله، كنت المثل الأعلى في العبادة.
والقائد الأعلى في الحرب والرجل الأسمى في تسيير شئون الدولة الإسلامية من كل نواحيها، فيقول الله عز وجل كما جاء فى سورة الفتح " محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا " فقد أراد الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه الغزوة المباركة أن يُعلم المسلمين درسا فى الشجاعة والإقدام والبسالة وترك الإحجام وطرد الجبن والخوف من أعداء الإسلام، وأراد أن يحيى في الأمة العزة والإباء والشموخ والكبرياء والبطولة والفداء ليعلمهم أن المسلمين بإسلامهم أقوياء وأنهم بإيمانهم أعزاء وبعقيدتهم أشداء، وأراد صلى الله عليه وسلم أن يعلم المشركين أن عهد الذل قد مضى، ومرحلة الاستضعاف قد انتهت وزمن الهوان قد ولى، وأراد صلى الله عليه وسلم ليضربهم فى هذا الغزوة المباركة.
ضربة تقضي على غطرستهم وتدمر قوتهم وتقصم ظهورهم وتدوخ قادتهم وتقصم ظهورهم وتضعف اقتصادهم وتؤلم قلوبهم ليعلموا أن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، ولقد كان ميزان القوة بين المسلمين وبين عدوهم في هذه الغزوة هائلا، والاختلاف في العدة والعتاد كبيرا والفرق بين القوتين واسعا فجيش الكفار فى هذه الغزوة يفوق جيش المسلمين بثلاثة أضعاف والعتاد الحربى لا يقارن بين هؤلاء وهؤلاء حيث كان لدى المسلمين فى هذه المعركة فرس واحد أو فرسان وسبعون بعيرا يتعاقبون عليها فكان الرجلان والثلاثة يتعاقبون على البعير الواحد، أما المشركون فقد كانوا ألفا وثلاثمائة مقاتل ومعهم مائة فرس وستمائة درع وجمال كثيرة لا يعلمها إلا الله، فلما رأى الرسول صلى الله عليه وسلم هذه القوة الهائلة وهذا الجمع الكبير قال أقبلوا بحدهم وحديدهم.
يحاربون الله ويحاربون رسوله وقرأ كلام الله عز وجل من سورة القمر" سيهزم الجمع ويولون الدبر" فكانت تحركات هائلة وجيش عرمرم وزحف كبير لم يستعد له المسلمون استعدادا كاملا ولم يتهيؤوا لمواجهته وحربه وإنما خرجوا فقط للاستيلاء على القافلة، وضربها ضربة مباغتة ومن ثم الرجوع إلى المدينة ولكن الله أراد أن يقضى أمرا كان مفعولا، فقد رأى الرسول صلى الله عليه وسلم أنه لابد من موقف بطولى يكسر هذه القوة ويصد هذه الغطرسة حتى لا تزحف نحو المدينة فلو تركهم يسيحون ويواصلون المسير فإن شرهم سيتعاظم ونفوذهم سيقوى وخطرهم سيصل إلى المدينة نفسها وسيجهزون على الدولة الإسلامية في مهدها، فقرر صلى الله عليه وسلم في نفسه الحرب واتخذ هذا الرأي.
إضافة تعليق جديد