بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأحد الموافق 24 مارس 2024
الحمد لله ذي الجلال والإكرام حي لا يموت قيوم لا ينام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك الحليم العظيم الملك العلام، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله سيد الأنام والداعي إلى دار السلام صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان، ثم أما بعد، قيل أن شقيق البلخي، ذهب في رحلة تجارية، وقبل سفره ودع صديقه إبراهيم بن أدهم حيث يتوقع أن يمكث في رحلته مدة طويلة، ولكن لم يمضي إلا أيام قليلة حتى عاد شقيق ورآه إبراهيم في المسجد، فقال له متعجبا ما الذي عجّل بعودتك؟ قال شقيق رأيت في سفري عجبا، فعدلت عن الرحلة، قال إبراهيم خيرا ماذا رأيت؟ قال شقيق أويت إلى مكان خرب لأستريح فيه، فوجدت به طائرا كسيحا أعمى، وعجبت وقلت في نفسي كيف يعيش هذا الطائر في هذا المكان النائي، وهو لا يبصر ولا يتحرك؟
ولم ألبث إلا قليلا حتى أقبل طائر آخر يحمل له العظام في اليوم مرات حتى يكتفي، فقلت إن الذي رزق هذا الطائر في هذا المكان، قادر على أن يرزقني، وعدت من ساعتي، فقال إبراهيم عجبا لك يا شقيق، ولماذا رضيت لنفسك أن تكون الطائر الأعمى الكسيح الذي يعيش على معونة غيره، ولم ترض أن تكون الطائر الآخر الذي يسعى على نفسه وعلى غيره من العميان والمقعدين؟ أما علمت أن اليد العليا خير من اليد السفلى؟ فقام شقيق إلى إبراهيم وقبّل يده، وقال أنت أستاذنا يا أبا إسحاق، وعاد إلى تجارته، فهؤلاء فهموا الإسلام، عملا وتعبا، وإعمالا للطاقات المعطلة والمواهب والقدرات، فلم يفهموا الإسلام تقاعسا ولا كسلا ولا تعطيلا للطاقات، وذلك لأن الإسلام رفع من شأن صاحب اليد العليا، ولا يريد لأتباعه أن يكونوا عالة على غيرهم.
ولو ذهبنا إلى واقعنا في التنمية الاجتماعية فحدث ولا حرج، ويحزنني كثيرا ما نحن فيه من اختلاف وتفرق وما يحدث في واقعنا من جرائم وما يرتكب فيه من إراقة الدماء وقتل للأبرياء، وإننى أدعو جميع أطياف المجتمع إلى الاجتماع والاعتصام والوحدة، فالاجتماع والاتفاق سبيل إلى القوة والنصر، وإن التفرق والاختلاف طريق إلى الضعف والهزيمة، وما ارتفعت أمة من الأمم وعلت رايتها إلا بالوحدة والتلاحم بين أفرادها، وتوحيد جهودها، والتاريخ أعظم شاهد على ذلك، ولذا جاءت النصوص الكثيرة في كتاب الله عز وجل، وسنة رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم تدعو إلى هذا المبدأ العظيم، وتحذر من الاختلاف والتنازع، ومنها قوله تعالى فى سورة الأنفال" وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين"
وفي حديث أبى مسعود قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح مناكبنا فى الصلاة، ويقول" استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم " رواه مسلم، فإنني أدعو جميع أفراد المجتمع إلى الوحدة والترابط وأن يحل الاتفاق مكان الاختلاف والاجتماع والاعتصام بدلا من التفرق والتشرذم، والحب بدلا من الكره، والإيثار بدلا من الأثرة، والإخاء بدلا من العداوة وبالجملة محاسن الأخلاق بدلا من مساوئها ولنرجع إلى القيم الخلقية التى تحلى بها الرعيل الأول من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ألا فلنحتد جميعا من أجل بناء مجتمعنا، ومن أجل بناء وطننا، ومن أجل بناء مصرنا، ومن أجل بناء حضارتنا، بعيدين عن التفرقة، وعن التشرذم ، وعن التحزب، وعن التشتت، حتى نحقق آمالنا، ويعلو بنياننا.
ونبلغ منانا، فنكون جميعا أدوات بناء لا أدوات هدم، فإن الحفاظ على كيان المجتمع ببناء علاقة قائمة على الود والتراحم وهو أساس من أسس بناء المجتمع المسلم القوى الذي أرثى قواعده الإسلام، فأول عمل قام به النبى صلى الله عليه وسلم بعد هجرته للمدينة بناء المسجد وهو دار التشريع ثم أخا بين المسلمين، فهى النعمة الربانية التي من بها الله تعالى على العباد فقال تعالى فى سورة آل عمران " فأصبحتم بنعمته إخوانا".
إضافة تعليق جديد