رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الاثنين 23 ديسمبر 2024 9:51 م توقيت القاهرة

الدكروري يكتب عن شهر الإخلاص بلا منازع

بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأربعاء الموافق 6 مارس 2024

إن الحمد لله على إحسانه والشكر له سبحانه وتعالى على امتنانه، ونشهد بأنه لا إله إلا الله تعظيما لشأنه، وأن محمدا عبده ورسوله داع لرضوانه، وصلّ اللهم عليه وعلى آله وخلانه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد، إن رمضان هو شهر الإخلاص بلا منازع وقد توفرت كل عوامل النجاح للمؤمن فيه على كل دواعى الرياء وأسبابه، وتنمية عنصر المراقبة والتجرد لله عز وجل لديه، فإمتناع الصائم عن الطعام والشراب والشهوات المادية والمعنوية طيلة يومه، إستجابة لأمر ربه هو عين الإخلاص، وإن تحقيق هذا النوع من الإنتصار هو الأساس الذي تنبنى عليه كل الإنتصارات الأخرى، فإن تربى العبد على الإستحضار الدائم لعامل المراقبة هذا، وذلك بعدم جعل الله أهون الناظرين إليه، وتجنب مالايرضيه من فعل أو قول أو خلق أو سلوك سرا أو علانية.

فيكن بذلك قد تجاوز عتبة الإنتصار الأول والمهم فى مدرسة الصيام ليصحبه صحبة دائمة لازمة طيلة العام، وفى رمضان عام ألف وخمسه وتسعون من الهجرة وقف العثمانيون بمائتى ألف مقاتل على أبواب ينا، وهى أشهر المدن الأوروبية وعاصمة الدولة الرومانية المقدسة حتى كادوا أن يفتحوها، وعندما انتصر المسلمون بقيادة سيف الدين قطز على جحافل التتار في الخامس والعشرين من رمضان سنة ستمائة وثمانيه وخمسين من الهجرة وقضوا على أسطورة التتار الجيش الذى لا يهزم، وكانت تلك الأسطورة قد روعت الناس فى كل مكان، حيث بلغ من شدة خوفهم ورعبهم من التتار أن الجندى التتارى الواحد يدخل السرداب وفيه مائة رجل فيقتلهم جميعا وحده بعد أن قتلهم الخوف والفزع من لقاء التتار، وقد هيأ المولى سبحانه وتعالى ذلك للصائم.

فصفده له ليسهل له وعليه هذا النوع من الإنتصار ولكى يقوى عناصر المناعة الإيمانية لديه، ويستحضر كل مسببات القوة اللازمة لينتصر فى معركته مع شيطانه بشكل دائم أو غالب على الأقل، ورمضان فرصة مواتية لتنتقم من شيطانك وتغلبه وتصرعه بسهولة ويسر، لأنك إن فشلت في معركتك معه في شهر الصيام، فأنت فيما سواه من الشهور أفشل، تصور نفسك في حلبة تصارع خصما مكبل اليدين والرجلين وأنت حر طليق في كامل قوتك ولياقتك وعافيتك ونشاطك، يكن من العيب والقصور والحرمان أن لاتنتصر عند ذلك، فأعمل جاهدا وأستغل الفرصة لتذق طعم الإنتصار على الشيطان، كى يغريك ذلك فى الإستمرار في صرعه فيما سوى ذلك من الأوقات، وكما حطم المسلمون في حرب أكتوبر سنة ألف وتسعمائة وثلاثة وسبعون.

الموافق العاشر من رمضان سنة ألف وثلاثة مائة وثلاثه وتسعين من الهجرة أسطورة الجيش الصهيونى الذى لا يقهر، وحطموا سور بارليف الذي قال عنه الصهاينة إنه أحصن وأقوى أسوار العالم، وعرف الصهاينة مرارة الهزيمة، وأخذت شمطاء يهود جولدا مائير تصيح وتولول وتستغيث بالأمريكان أدركونا فإسرائيل تنهار، وفى العاشر من رمضان قد عبر الجيش المصرى قناة السويس وحطم خط بارليف وألحق الهزيمة بالقوات الصهيونية، في يوم من الأيام الخالدة، التى سطرها التاريخ فى أنصع صفحاته بأحرف من نور ففى يوم السادس من اكتوبر، والعاشر من رمضان وقف التاريخ يسجل مواقف أبطال حرب أكتوبر الذين تدفقوا كالسيل العرم يستردوا أراضيهم، ويستعيدوا كرامتهم ومجدهم فهم الذين دافعوا عن أرضهم.

وكافحوا في سبيل تطهيرها وإعزازها فضربوا بدمائهم المثل، وحفظوا لأنفسهم ذكرا حسنا لا ينقطع، وأثرا مجيدا لا يمحى، فبعد أن احتل اليهود سيناء الحبيبة والجولان والضفة الغربية والقدس وغزة في الخامس يونيو سنة ألف وتسعمائة وسبعه وستون ميلادى أخذوا يتغنون بأسطورة جيشهم الذى لا يقهر، لكن مصر نجحت في أعادة بناء جيشها وجهزته بالعتاد وخيرة جنود الأرض وبالتخطيط الجيد مع أشقائها العرب وبإرادة صلبة قوية وإيمان قوى عظيم، وبخطة دقيقة محكمة فاجأت إسرائيل والعالم كله الساعة الثانية بعد الظهر، وانطلقت أكثر من مائتان وعشرون طائرة تدك خط بارليف الحصين ومطارات العدو ومراكز سيطرته، وفى الوقت نفسه سقطت أكثر من عشرة آلاف وخمسمائة فوهة مدفعية.

وتعالت صيحات الله أكبر، وتم عبور القناة واقتحام حصون العدو وتحطيمها واندحر العدو وهُزم شر هزيمة، ورجعت أرض سيناء كاملة بعد ذلك نتيجة لهذه الحرب المجيدة، في هذا الشهر العظيم، شهر عزة المسلمين والذلة لأعداء الحق أعداء الدين.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.