رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

السبت 28 سبتمبر 2024 2:37 م توقيت القاهرة

الدكروري يكتب عن صفات أهل الجنة المكرمون

بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الجمعة الموافق 21 يونية 2024

الحمد لله حمدا كثيرا كما أمر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إرغاما لمن جحد وكفر، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، سيد الخلائق والبشر، الشفيع المشفع في المحشر، صلى الله عليه وعلى أصحابه ما اتصلت عين بنظر، وسمعت أذن بخبر، ثم أما بعد إن من الوفاء هو الوفاء بين الزوجين فقد جمعهما عقد عظيم، حيث قال سبحانه وتعالي في سورة النساء " وأخذنا منكم ميثاقا غليظا" وكما أن السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها واست النبي صلى الله عليه وسلم بمالها، ورُزق منها الولد، وأول من صدّقه وآمن به من النساء، وهي التي ثبتت فؤاده عند نزول الوحي، وقوّت عزيمته، وكانت خير زوجة لزوجها في حياتها، حيث قال ابن حجر رحمه الله "كانت حريصة على رضاه بكل ممكن، ولم يصدر منها ما يُغضبه قط" 

فقابل رسول الله صلى الله عليه وسلم وفاءها بوفاء أعظم منه، فكان في إحسانها يشكرها، وظلّ بعد موتها يُكثر ذكرها ويقول عنها "إني رُزقت حبها" رواه مسلم، وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاء، ثم يبعثها في صدائق خديجة، ويقول "إنها كانت وكانت، وكان لي منها ولد" وقال النووي رحمه الله "في هذا كله دليل لحُسن العهد وحفظ الوُدّ، ورعاية حُرمة الصاحب والعشير في حياته وبعد وفاته، وإكرام أهل ذلك الصاحب" وإن الله سبحانه وتعالى تحدث عن خُلق الوفاء في قرآنه المجيد، فقال تبارك وتعالى في سورة المعارج في صفات أهل الجنة المكرمون " والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون" وقال تعالى في سورة المؤمنون في صفات المؤمنين الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون "والذين هم لأماناتهم وعهدم راعون" 

وقال تعالى في علامات الصادقين المتقين في سورة البقرة " والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين فى البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون" والوفاء بالعهد من صفات الأنبياء والمرسلين، والوفاء بالعهد من علامات الصادقين المتقين، ومن صفات الأنبياء الكرام وهو خُلق ملازم لأهل الجنة في حياتهم الدنيا إذ كيف يطمع في الجنة وصحبة الأنبياء والصادقين والمتقين من لم يتخلق بهذا الخُلق؟ فكم من المسلمين في دنيا اليوم من يحدث وهو كاذب وكم من المسلمين من يَعد وهو خائن، وكم أعطى من الوعود والعهود وبعدها غدر بأصحابها، فأين الوفاء بالعهد؟ ولكنى أقول لقد ضاع هذا الخُلق بين المسلمين إلا مَن رحم الله عز وجل، ولنأخذ موقفا واحدا، من المواقف العظيمة التي جسّد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم خُلق الوفاء بالعهد.

فقبل غزوة بدر يخبره حذيفة بن اليمان، والحديث في صحيح مسلم، أن كفار قريش قد أخذوه قبل أن يدخل المدينة هو وأبا حُسيل، فقالوا إنكم تريدون محمدا، قلنا ما نريد إلا المدينة، فأخذوا منا عهد الله وميثاقه لننصرفن إلى المدينة ولا نقاتل معك يا رسول الله، فماذا قال لهما صاحب الوفاء يا ترى؟ ماذا قال لهما مَن بعثه الله ليتمم به مكارم الأخلاق؟ ومع أنه كان في أشد الحاجة إلى الرجال ليقاتلوا معه ضد المشركين، المشركين الذين أخرجوه من مكة، الذين سفكوا دماء المسلمين واستحلوا أموالهم، وعذبوهم أشد العذاب، وبالرغم من كل هذا، قال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم "انصرفا نفي لهم بعهدهم، ونستعين الله عليهم" فإن كان هذا هو وفاء المسلمين للمشركين، بل للمشركين المحاربين وفي الحرب نفسها، فكيف يكون وفاء المسلمين للمسلمين؟ 

وكما أن الوفاء يعظم مع الوالدين فقد تعبا لراحتك، وسهِرا لنومك، وكدح الوالد لعيشك، وحملتك أمك كرها ووضعتك كرها، وأول واجب فرضه الله من حقوق الخلق البر بالوالدين، ومن الوفاء لهما الدعاء لهما وطاعتهما في غير معصية، وفعل الجميل معهما، وإدخال السرور على نفوسهما، ومن البر بهما أن يريا ثمرة جهدهما على أولادهما بسلوكهم طريق الاستقامة والصلاح، ومن الوفاء لهما إكرام صديقهما بعد موتهما.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.