رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الثلاثاء 2 يوليو 2024 10:13 ص توقيت القاهرة

الدكروري يكتب عن فضل العلم على الإنسان

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله الذي جعل حب الوطن أمرا فطريا والصلاة والسلام على من أرسله الله تعالى رسولا ونبيا وعلى آله وصحابته والتابعين لهم في كل زمان ومكان، أما بعد روي في الصحيحين عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال سمعت رسول الله  صلى الله عليه وسلم  يقول "يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار، فتندلق أقتابه في النار، فيدور كما يدور الحمار برحاه، فيجتمع أهل النار عليه فيقولون أي فلانا ما شأنك؟ أليس كنت تأمرننا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟ قال كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه، وأنهاكم عن المنكر وآتيه" وكما ينبغي علي طالب العلم الدعوة إلى الله تعالى والاجتهاد في نشر العلم وأن يوظف هذا العلم في الدعوة إلى الله تعالى على هدى وبصيرة، فالداعية لا بد وأن يستغل كل مناسبة ويدعو إلى تعالى في شتى الميادين في المسجد.

وفي المدرسة وفي المعهد وفي السوق وفي الأعياد والمناسبات ولقد حث الرسول صلى الله عليه وسلم على نشر العلم ورغبنا فيه، وقيل أنه عقد الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى مقارنة بين العلم والمال يحسن إيرادها في هذا المقام فقد فضل العلم على المال من عدة وجوه أهمها أن العلم ميراث الأنبياء والمال ميراث الملوك والأغنياء، وأن العلم يحرس صاحبه وصاحب المال يحرس ماله، وأن العلم يزداد بالبذل والعطاء والمال تذهبه النفقات عدا الصدقة، وأن العلم يرافق صاحبه حتى في قبره والمال يفارقه بعد موته إلا ما كان من صدقة جارية، وأن العلم يحكم على المال فالعلم حاكم والمال محكوم عليه، وأن المال يحصل للبر والفاجر والمسلم والكافر أما العلم النافع فلا يحصل إلا للمؤمن، وأن العالم يحتاج إليه الملوك ومن دونهم وصاحب المال يحتاج إليه أهل العدم والفاقة والحاجة. 

وأن صاحب المال قد يصبح معدماً فقيرا بين عشية أو ضحاها والعلم لا يخشى عليه الفناء إلا بتفريط صاحبه، وأن المال يدعو الإنسان للدنيا والعلم يدعوه لعبادة ربه، وأن المال قد يكون سببا في هلاك صاحبه فكم أختطف من الأغنياء بسبب مالهم، أما العلم ففيه حياة لصاحبه حتى بعد موته، وكما أن سعادة العلم دائمة وسعادة المال زائلة، وأن العالم قدره وقيمته في ذاته أما الغني فقيمته في ماله، وأن الغني يدعو الناس بماله إلي الدنيا والعالم يدعو الناس بعلمه إلي الآخرة، وهاك مثالا يبين فضل العلم على الإنسان إنه يدور في زمن الخليفة العباسي هارون الرشيد إنها قصة تلميذ الإمام أبي حنيفة أبو يوسف التي يرويها علي بن الجعد فيقول " أخبرني أبو يوسف قال توفي أبي إبراهيم بن حبيب وخلفني صغيرا في حجر أمي فأسلمتني إلي قصار أخدمه فكنت أدع القصار. 

وأمر إلي حلقة أبي حنيفة فأجلس أسمع فكانت أمي تجيء خلفي إلي الحلقة فتأخذ بيدي وتذهب بي إلي القصار وكان أبو حنيفة يعني بي لما يرى من حضوري وحرصي على التعلم فلما كثر ذلك على أمي وطال عليها هربي قالت لأبي حنيفة ما لهذا الصبي فساد غيرك هذا صبي يتيم لا شيء له وإنما أطعمه من مغزلي وآمل أن يكسب دانقا يعود به على نفسه فقال لها أبو حنيفة قري يا رعناء ها هو ذا يتعلم أكل الفالوذج بدهن الفستق فانصرفت عنه وقالت له أنت يا شيخ قد خرفت وذهب عقلك فأكمل أبو يوسف فقال ثم لزمت أبا حنيفة وكان يتعهدني بماله فما ترك لي خلة فنفعني الله بالعلم ورفعني حتى تقلدت القضاء وكنت أجالس هارون الرشيد وآكل معه على مائدته فلما كان في بعض الأيام قدم إلي هارون الرشيد فالوذجا بدهن الفستق فضحكت فقال لي مم ضحكت ؟ 

فقلت خيرا أبقى الله أمير المؤمنين قال لتخبرني وألح علي فأخبرته بالقصة من أولها إلي آخرها فعجب من ذلك وقال لعمري إنه العلم ليرفع وينفع دينا ودنيا وترحم على أبي حنيفة وقال كان ينظر بعين عقله ما لا يراه بعين رأسه، وهذا عبيد الله بن كثير يروي عن أبيه أنه قال " ميراث العلم خير من ميراث الذهب والفضة والنفس الصالحة خير من اللؤلؤ ولا يستطاع العلم براحة الجسم ".

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.