رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الجمعة 3 مايو 2024 3:25 ص توقيت القاهرة

الدكروري يكتب عن لماذا ذهب الحياء؟

بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الاثنين الموافق 12 فبراير
الحمد لله رب العالمين الملك الحق المبين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو علي كل شيء قدير وسبحانه وتعالي أكبره تكبيرا، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأزواجه وذريته الطيبين، وخلفائه والتابعين له بإحسان له إلى يوم الدين، أما بعد لقد وضح لنا رسول الله صلي الله عليه وسلم أن الحياء شعبه من شعب الإيمان ولكن لماذا ذهب الحياء؟ إنه كثرة الذنوب والسيئات والذنوب تضعف الحياء من العبد، بل إنها تقضي على الحياء وتقتله، وبين الذنوب وقلة الحياء تلازم، وكل منهما يستدعي الآخر ويطلبه حثيثا، وكثرة الفتن، وهي فتن الشهوات وفتن الشبهات، وقد حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم منها ومن التعرض لها، بل وأمرنا النبي أن ننشغل عنها بطاعة الله عز وجل.
وكذلك من أسباب ذهاب الحياء هو الحرب الإعلامية عبر القنوات الفضائية المائعة، والمواقع الإلكترونية الماجنة، فضلا عن المجلات الخليعة، والجرائد الرخيصة، والإذاعات المقيتة، وصيحات الهاتف المحمول في كل مكان مما جعل المنكر يكاد يعيش مع كل واحد منا في بيته، وفي عمله، وفي الشارع، بل وفي جيبه أيضا، ما تبثه العديد من القنوات الفضائية الفاضحة، والمواقع الإلكترونية المتهتكة من صور وأفلام خليعة، ومسلسلات بذيئة، تنزع الحياء من البيوت، وتفسد العلاقة بين أفراد الأسرة الواحدة، ولقد أقنعتنا هذه الفضائيات والمواقع بتمرد بعضنا على بعض، فالفتاة تنظر إلى نفسها على أنها مالكة نفسها، حرة في تصرفاتها، حجابها أغلال، وزواجها ظلم وتسلط، وإنجاب الأبناء مضر بالصحة.
وطاعة الأبوين قيود، ومحبة الزوج إذلال وضعف، وخدمته جبروت وقسوة، وطاعته خضوع وعبودية، والشباب ما طاشت عقولهم إلا من تتبع سيرة هذا الفريق الرياضي أو ذاك يفرح لانتصاره، ويحزن لانهزامه، بل يحب ويعادي من أجله، إن مدحته له والاك، وإن نقصت من قيمة أحد لاعبيه عاداك، والنساء اهتممن بالإشهارات والملابس وشؤون المطابخ، أكثر من اهتمامهن بأزواجهن وأبنائهن، والرجال استهوتهم المسلسلات والأفلام والمباريات، حتى أنستهم صلاتهم، وواجبات بيوتهم، وحقوق أبنائهم، والنتيجة هي كثرة الصراعات والخصومات، وانتشار القلق والأمراض العصبية والنفسية، وامتلاء المحاكم بقضايا المنازعات، والتفكك الأسري، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وقال ابن القيّم رحمه الله تعالى وخلق الحياء من أفضل الأخلاق وأجلّها وأعظمها قدرا وأكثرها نفعا، بل هو خاصة الإنسانية، فمن لا حياء فيه ليس معه من الإنسانية إلا اللحم والدم وصورتهما الظاهرة، كما أنه ليس معه من الخير شيء، ولولا هذا الخلق لم يقر الضيف، ولم يوف بالوعد، ولم تؤدي أمانة، ولم تقضي لأحد حاجة، ولا تحرّى الرجل الجميل فآثره، والقبيح فتجنبه، ولا ستر له عورة، ولا امتنع من فاحشة، وكثير من الناس لولا الحياء الذي فيه لم يؤدي شيئا من الأمور المفترضة عليه، ولم يرع لمخلوق حقا، ولم يصل له رحما، ولا برّ له والدا، فإن الباعث على هذه الأفعال إما ديني وهو رجاء عاقبتها الحميدة، وإما دنيوي علوي، وهو حياء فاعلها من الخلق، فقد تبيّن أنه لولا الحياء إما من الخالق أو من الخلائق لم يفعلها صاحبها.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.