بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : السبت الموافق 11 مايو 2024
الحمد لله الكريم الوهاب وهبنا نعمة الإيمان، والأمن في الأوطان، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، الرحيم الرحمن، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله سيد ولد عدنان المرسل بالقرآن إلى الثقلين الإنس والجان، صلى الله عليه وعلى آله وأزواجه وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد إن الأمة الإسلامية بالقيم والمبادئ والأخلاق سادت الأمم، وحكمت العالم وأسست حضارة لم يعرف لها التاريخ مثيلا، فكل فرد عرف دوره ومسؤوليته، فقام بواجبه ولم ينتظر أن يكون على هامش الحياة ليس له دور أو واجب يجب أن يؤديه، أو أن يلقى بمسؤولياته على الآخرين مهما كانت ظروفه، هذا وإن ثقافة التبرير واختلاق الأعذار وإلقاء المسؤولية على الآخرين ليست من القيم في شيء، فالأب المقصر في تربية أولاده يرجع الأسباب إلى تقصير الأم.
وانشغاله بأعماله والأم بالمقابل تلقي الملامة على الأب، والكل يحمل الإعلام والقنوات الفضائية وغيرها المسؤولية، والموظف المهمل لعمله يرجع الأسباب إلى زملائه وإلى مدرائه ورؤساء الأقسام، أو يرجع السبب إلى ضعف الراتب، ومشاكله العائلية، والمعلم المهمل يرجع سبب ضعف الطالب إلى وضع المجتمع، وإلى تقصير الآباء في المتابعة لأبنائهم ونسي أو تناسا أن المعلم الناجح لم ينسوه تلاميذه حيا وميتا، وهذا هو النبي صلي الله عليه وسلم مات عمه فصبر وماتت زوجته فصبر وقتل حمزة فصبر وابعد من مكة فصبر وتوفي ابنه فصبر ورُميت زوجته الطاهرة فصبر وكُذب فصبر قالوا له شاعر كاهن ساحر مجنون كاذب مفتر فصبر أخرجوه آذوه شتموه سبوه حاربوه سجنوه فصبر فهل يُتعلم الصبر إلا منه؟ وهل يُقتدى بأحد في الصبر إلا به؟
فهو مضرب المثل في سعة الصدر وجليل الصبر وعظيم التجمل وثبات القلب وهو إمام الصابرين وقدوة الشاكرين صلى الله عليه وسلم، ولقد كان للنبي صلى الله عليه وسلم، منهج فريد عجيب في القرب من الشباب، وتهذيب شهوتهم، وتوجيه قوتهم إلى ما ينفعهم في الدنيا والآخرة، وذلك بتقريبهم من الطاعات، وإبعادهم عن المحرمات، ومهما كان مطلب الشاب فيه شذوذ وخروج عن المألوف، وضرب من الجنون، فإن فترة الشباب فترة خطيرة تؤرق الآباء والأمهات ولا سيما في هذا الزمن الذي كثرت فيه الفتن والمغريات، واستهدف فيه الشباب والفتيات بأنواع من الشر، وسهل الوصول إليهم بوسائل الاتصال الحديثة التي اقتحمت عليهم غرفهم، لا سيما أن شباب اليوم قد صار فيهم تمرد وحب استقلال وعزلة وانفراد عن والديهم وأهلهم.
ولا سبيل إلى الوصول إليهم إلا بالمعاملة الحسنة، والكلمة الطيبة، والحوار والإقناع كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، مع الشاب الذي صرح بكل جرأة وصفاقة، أنه يريد الزنا فألان النبي صلى الله عليه وسلم القول له، وأحاطه بلطفه، وأقنعه ولم يزجره مع أنه يستأذنه في فعل كبيرة من كبائر الذنوب، وإن الشباب في الأمة هو محط الأنظار، ومعقد الآمال ومشاعل الحاضر، وبُناة المستقبل، ومن هنا أحاطتهم التوجيهات الإسلامية بالعناية التامة والرعاية الخاصة وإن وقت الشباب ثمين لا يعوض، وإنه زهرة لا مثيل لها، فيجب على كل موفق في هذه الحياة أن يغتنم شبابه في طاعة الله سبحانه وتعالى وأن يعمره بعبادة ربه والتقرب إليه عز وجل وأن يكون في جهاد لا يفتر في مصارعة الهوى والنفس والشيطان، وإن الإسلام لم ترتفع في الإنسانية رايته، ولم يمتد على الأرض سلطانه، ولم تنتشر في العالمين دعوته إلا على يد هذه الطائفة المؤمنة.
التي تربت في مدرسة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وتخرجت في جامعته الشاملة، فالشباب مرحلة القوة والنشاط والطاقة والطموح الوهاج والشباب متعلق آمال الأمة، وأبو المعجزات، هو مرحلة العطاء المثمر، وروض الإبداع المزهر، وبستان النضارة والفتوة، واللياقة والقوة والشباب هو الذي يتمناه الصغير، ويتحسر على فراقه الكبير، وإن أعظم نعمة أن يوفق الله عز وجل العبد في شبابِه ليغتنمه في طاعة مولاه، والمسارعة إلى رضا ربه، والبعد عن نواهيه وكيف والمسلم مسؤول عن هذه النعمة، محاسب عليها؟ فقال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وماذا عمل فيما علم"
إضافة تعليق جديد