رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

السبت 27 يوليو 2024 7:14 ص توقيت القاهرة

الدكروري يكتب عن نبذ التخاصم والتدابر والأحقاد

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهدي الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ثم أما بعد إن الإسلام وسع علينا في طلب الأرزاق والتجارة لكن التاجر الذي يأخذ المال بطرق محرمة كالربا والغش والكذب قد آثر في ذلك حب المال على حب الله، والبخيل الذي يمنع الحقوق الواجبة في ماله كالزكاة والإنفاق في سبيل الله قد آثر حب المال على حب الله تعالي، وإنه من مقاصد الإسلام العالية وركائزه العظام السامية هو نشر المحبة والألفة بين العباد، ونبذ التخاصم والتدابر والأحقاد، وأن الألفة والمحبة بين المؤمنين من أعظم مقاصد هذا الدين، وأنها نعمة كبرى، ومِنة عظمى. 

تستحق شكرها والتواصي بها، وبذل الجهود من أجلها، لا سيما ونحن في زمن تقطعت فيه أواصر العلاقات، وتأججت فيه نيران العداوات والخصومات، وعملا بهذا المقصد العظيم والأصل المتين، أمرت الشريعة بصلة الأرحام، ونهت عن القطيعة والخصام، وإن صلة الرحم من أوجب الواجبات، وأعظم الطاعات والقربات، ومن أجلّ العبادات والأعمال الصالحات، وهي في أبسط معانيها، وأوضح معالمها هو إيصال النفع والخير لذوي القربى، ودفع الشر والأذى عنهم، وقد اتفقت الملة على أن صلة الرحم واجبة، وأن قطيعتها محرمة، ولو كان الموصول كافرا، وهذا من المحاسن التي جاءت بها شريعة الإسلام، ومن المبادئ السامية التي حث عليها نبينا عليه الصلاة والسلام أي إن لكم قرابة سأصلها بصلتها وبالإحسان إليها، ولكني لا أغني عنكم من الله شيئا. 

وهذا هو حال المسلم لما يفيض قلبه محبة ورأفة ورحمة على جميع خلق الله، فيرجو لهم الخير، ويدفع عنهم الشر والأذى ما استطاع، وخاصة ذوي القربى، ولهذا جاءت آيات القرآن مليئة بالحث على صلة الأرحام، والتحذير من القطيعة والهِجران، ومن هذه الآيات قول الله تعالى " واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام " أي اتقوا الله تعالى أن تعصوه، واتقوا الأرحام أن تقطعوها، فذكر الله سبحانه وتعالى من جملة المأمورات الإحسان إلى ذوي القربى، استبقاء لأواصر الودّ بين الأقارب إذ كان العرب في الجاهلية قد حرّفوا حقوق القرابة، فجعلوها سبب تنافس وتحاسد وتقاتل، وحسبك ما كان بين بكر وتغلب في حرب البسوس، وهما أقارب وأصهار، فلذلك حث الله تعالى على الإحسان إلى ذوي القربى والرحم، ومن الآيات كذلك قوله تعالى في سورة الرعد. 

" والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل" أي والذين يصلون الرحم التي أمرهم الله بوصلها، فيعاملون الأقارب بالمودة والحسنى، بإيصال الخير إليهم ودفع الأذى عنهم بقدر الاستطاعة، فهؤلاء لهم عقبى الدار، وهي العاقبة والنصرة في الدنيا والآخرة، وإن صلة الرحم علامة من علامات كمال الإيمان، وخصلة من خصال أهل الورع والإحسان، وإن صلة الرحم من أعظم الأسباب الموجبة لدخول الجنان، والوقاية من النيران، وإنه من الآثار الحسنة لصلة الرحم، أنها سبب في سعة الرزق وطول العمر، وبركة فيهما، وإنه لعظم مكانة صلة الرحم في الدين، كانت أفضل الصدقات الصدقة على ذوي الرحم والقربى، وإذا كانت صلة الرحم لها هذه المكانة في الدين وهذا الشأن العظيم، فإن القطيعة أمرها خطير، وشرها مستطير، ونذير شؤم على صاحبها.

فمن قطع أقاربه الضعفاء، وهجرهم وتكبر عليهم، ولم يصلهم ببره وإحسانه، وكان غنيّا وهم فقراء فهو داخل في هذا الوعيد، محروم من دخول الجنة إلا أن يتوب إلى الله عز وجل ويحسن إليهم، وحسب قاطع الرحم بلاء وشقاء وحرمانا ألا يُرفع له عمل.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.