رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الأحد 19 يناير 2025 2:39 م توقيت القاهرة

الراعي هو الحافظ المؤتمن الملتزم

 
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله بيده مفاتيح الفرج، شرع الشرائع وأحكم الأحكام وما جعل علينا في الدين من حرج، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، قامت على وحدانيته البراهين والحجج، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله، هو المفدى بالقلوب والمهج، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ساروا على أقوم طريق وأعدل منهج، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليما كثيرا، ثم أما بعد إن من الأمانة هو وضع كل شيء في مكانه اللائق به، فقد قال أبو ذر رضي الله عنه لرسول الله صلي الله عليه وسلم ألا تستعملني يعني ألا تجعلني واليا أو أميرا أو رئيسا لك على إحدى المدن، قال فضرب بيده على منكبي ثم قال صلي الله عليه وسلم " يا أبا ذر إنك ضعيف، وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها، وأدى الذي عليه فيها " رواه مسلم. 

ومن الأمانة أمانة الراعي والرعية وقيام الأمراء والسلاطين والرؤساء على مصالح العباد والبلاد، والمحافظة على ثروات شعوبهم وبلادهم، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "كلكم راعي وكلكم مسئول عن رعيته، فالإمام راعي، وهو مسئول عن رعيته، والرجل راع في أهله، وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسئولة عن رعيتها، والخادم راعي في مال سيده، وهو مسئول عن رعيته، والرجل راعي في مال أبيه وهو مسئول عن رعيته فكلكم راعي، وكلكم مسؤول عن رعيته" رواه البخاري ومسلم، والرعاية بمعنى الحفظ والأمانة، فكل هؤلاء المذكورين في الحديث رعاة وحكاما على إختلاف مراتبهم، مؤتمنون بأمانات يجب الوفاء بها، وقال الإمام النووي رحمه الله في شرحه للحديث. 

"الراعي هو الحافظ المؤتمن الملتزم صلاح ما قام عليه، وما هو تحت نظره، ففيه أن كل من كان تحت نظره شيء فهو مطالب بالعدل فيه والقيام بمصالحه في دينه ودنياه ومتعلقاته، فمن ولي أمر المسلمين فهو أمين عليهم ومسئول عنهم، ومن فرط وضيّع في هذه الأمانة فإنه يأتي يوم القيامة مكبلا، فالولاية مسئولية جسيمة وأمانة ثقيلة لا يصح أن تسند إلا لمن كان أهلا لها، قادرا أن يقوم بحقها، ومن فرط وقصّر وخان الأمانة فله حظ ونصيب من كلام الحبيب صلى الله عليه وسلم "ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته، إلا حرم الله عليه الجنة" رواه البخاري ومسلم، فالقوة والأمانة متلازمتان، فالمؤمن إذا كان أمينا ولم يكن قويا فقد لا يستطيع أداء الأمانة لضعفه، وإذا كان قويا ولكن غير أمين خان وبغى وطغى. 

ومن هنا كان وجوب إقتران الأمانة بالقوة، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول في خطبة له "ألا وإني وجدت صلاح ما ولاني الله تعالى بأداء الأمانة، والأخذ بالقوة، وانظر لهذا الموقف العظيم للنبي الأمين الحبيب المصطفي صلى الله عليه وسلم فقد أخرج الإمام أحمد عن أبي أمامة سهل بن حنيف رضي الله عنه قال "دخلت أنا وعروة بن الزبير على عائشة رضي الله عنهما فقالت لو رأيتما رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرض له وكانت عنده ستة دنانير أو سبعة دنانير، فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أفرقها فشغلني وجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى عافاه الله، ثم سألني عنها، فقال ما فعلت؟ أكنت فرقت الستة دنانير؟ فقلت لا والله لقد كان شغلني وجعك، قالت فدعا بها فوضعها في كفه فقال " ما ظن نبي الله لو لقي الله وهذه عنده" 

وفي لفظ "ما ظن محمد بربه لو لقي الله وهذه عنده" يا الله الرسول المصطفي صلي الله عليه وسلم خائف أن يلقى الله وعنده هذه الدنانير، فما الظن بالرؤساء والأمراء والسلاطين الذين يأكلون أموال الناس بالباطل؟ ماذا سيقولون لله غدا؟

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.