بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : السبت الموافق 2 نوفمبر 2024
الحمد لله الرحيم الودود، سبحانه من خالق عظيم وبخلقه رؤوف حليم، أشهد أنه لا إله إلا هو وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، أما بعد فيا عباد الله اتقوا الله فإن ساعة عظيمة تنتظركم يجزى فيها الإنسان عن الصغيرة والكبيرة، موقفها عظيم وأمرها جلل فتزودا لذلك وإن خير الزاد التقوى، ثم أما بعد إن الرجل بالمفهوم القرآني، يدخل فيه الذكر والأنثى، إذا تحققت فيهم الصفات التي أرادها الله لهم " رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة" وذكرتها الآية هنا بالجمع كناية على أن الهجرة ساهم فيها كثير من المسلمين، منهم من دونتهم كتب السيرة ومنهم من لم يذكروا، فكان من بين هؤلاء الرجال هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه، فكان هذا الصحابي الجليل من الذين سبقوا في إعلان إسلامهم.
وكان لا يفارق رسول الله عليه وسلم، وكان رضي الله عنه يصدقه في كل ما يقول دون تردد، وقد وُضع في كفة والأمة في كفة فرجح بها، نال هذا كله بالتصديق المطلق لرسولنا الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، فقد أراد هذا الصحابي الجليل أن يهاجر، فجاء يستأذن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، فقال رسول الله عليه وسلم "على رسلك فإني أرجو أن يؤذن لي" فقال أبو بكر وهل ترجو ذلك بأبي أنت؟ قال "نعم" فحبس رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصحبه، وعلف راحلتين كانتا عنده أربعة أشهر، ولقد إختاره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكون رفيقه في هجرته، وإختياره هذا دليل على مكانته وحبه للنبي صلى الله عليه وسلم، ويروي عن عروة بن الزبير رضي الله عنه أنه قال، قالت عائشة رضي الله عنها فبينما نحن يوما جلوس في بيت أبي بكر في نحر الظهيرة.
قال قائل لأبي بكر هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم متقنعا في ساعة لم يكن يأتينا فيها، فقال أبو بكر فدى له أبي وأمي، والله ما جاء به هذه الساعة إلا أمر، قالت فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستأذن فأذن له، فدخل فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر "أخرج من عندك" فقال أبو بكر إنما هم أهلك بأبي أنت يا رسول الله، قال "فإني قد أذن لي في الخروج" قال أبو بكر الصحبة بأبي أنت يا رسول الله؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "نعم" قال أبو بكر فخذ بأبي أنت يا رسول الله إحدى راحلتيّ هاتين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "بالثمن" فكان بيت أبي بكر الصديق رضي الله عنه بيت الدعوة والجهاد في سبيل الله، فمنه بدأت الهجرة وإنطلق الإعداد لها، وكلام الصحابي الجليل أبي بكر الصديق مع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كله فداء.
وتعظيم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وخرجا من بيت أبي بكر خفية، وذهبا إلى غار ثور حيث اختبآ من أن تلحق بهم قريش فتدركهما فتغتال دعوة الله تعالي، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن أبا بكر الصديق حدثهم قال نظرت إلى أقدام المشركين فوق رؤوسنا ونحن في الغار، فقلت يا رسول الله، لو أن أحدهم نظر تحت قدميه أبصرنا فقال "يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما" ولقد كان من بين هؤلاء الرجال أصحاب الهجرة هو عبد الله بن أبي بكر رضي الله عنهما، وهذا الصحابي الجليل كان له دور كبير ودقيق في نجاح هجرة النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى يثرب، فقد كان يقضي يومه في مكة يخالط قريشا ويستمع إلى ما يقوله أعداء الدعوة وما يعتزمون القيام به قصد القضاء على نبي الله الكريم، وكان ينقل هذه الأخبار إلى غار ثور
حيث كان يختبئ النبي صلى الله عليه وسلم مع أبى بكر الصديق رضي الله عنه وكان يبيت معهم، وحتى لا يعرف أثره الذي يخلفه في الطريق عندما كان ينتقل من مكة إلى الغار، كان يمر وراءه عامر بن فهيرة ليتلف أثر قدميه حتى لا تصل إليه قريش، وكما كانت من الصحابيات هي أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها، فقد جاء في صحيح البخاري، مناقب الأنصار، باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم أن أسماء رضي الله عنها قالت "صنعت سفرة للنبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر حين أرادا المدينة، فقلت لأبي ما أجد شيئا أربطه إلا نطاقي، قال فشقيه، ففعلت، فسميت ذات النطاقين.
إضافة تعليق جديد