بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله العليم الخبير، السميع البصير، أحاط بكل شيء علما، وأحصى كل شيء عددا، لا إله إلا هو إليه المصير، أحمد ربي وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العلي الكبير، وأشهد أن نبينا محمدا عبد الله ورسوله البشير النذير والسراج المنير، اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأصحابه ذوي الفضل الكبير، ثم أما بعد يقول الإمام ابن تيمية رحمه الله بأن إثبات الثواب والعقاب في البرزخ ما بين الموت إلى يوم القيامة هذا هو قول السلف قاطبة وأهل السنة والجماعة، وإنما أنكر ذلك في البرزخ قليل من أهل البدع، ومذهب سلف الأمة وأئمتها أن العذاب أو النعيم يحصل لروح الميت وبدنه، وأن الروح تبقى بعد مفارقة البدن منعمه أو معذبه، وأيضا تتصل بالبدن أحيانا فيحصل له معها النعيم أو العذاب "
وقال ابن أبي العز الحنفي في شرح الطحاوية " وقد تواترت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثبوت عذاب القبر ونعيمه لمن كان لذلك أهلا، وسؤال الملكين، فيجب إعتقاد ثبوت ذلك والإيمان به، ولا نتكلم في كيفيته، إذ ليس للعقل وقوف على كيفيته، لكونه لا عهد له به في هذه الدار، والشرع لا يأتي بما تحيله العقول، بل إن الشرع قد يأتي بما تحار فيه العقول" والنبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ بالله عز وجل من عذاب القبر، ويأمر أصحابه بالتعوذ منه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو ويقول " اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر " رواه البخاري، وأن الشهداء ثلاثة أنواع هم شهيد الدنيا فقط وشهيد الآخرة فقط، وشهيد الدنيا والآخرة معا، فشهيد الدنيا والآخرة معا هو الذي يقتل في الجهاد في سبيل الله مقبلا غير مدبر لا لغرض من أغراض الدنيا.
أما شهيد الدنيا فقط فهو من قتل في الجهاد لكن قتاله كان رياء أو لغرض من أغراض الدنيا، أي لم يكن في سبيل الله تعالي، فهو في الدنيا يعامل معاملة الشهيد فلا يغسل ولا يصلى عليه، وينتظره في الآخرة ما يستحق من عقوبة جزاء سوء قصده وخبث طويته فهو أحد الثلاثة الذين أول من تسعر بهم جهنم كما جاء في صحيح مسلم، أما شهيد الآخرة فقط فهو من يعطى يوم القيامة أجر الشهيد ولكنه لا يعامل معاملته في الدنيا، بل يغسل ويصلى عليه، ومما تقدم نعلم أن المسلم الذي يموت بإحدى هذه الميتات التي فيها شدة وألم نرجو أن يكون من الشهداء، ويدخل في الشهداء كل من مات وهو يسعي على رزقه وأولاده وأهله والعمل من أجل بناء أسرته ووطنه، إذ يعد سعيه على معيشته جهادا في سبيل، وقد أكد القرآن هذه الحقيقة في قوله تعالى كما جاء في سورة المزمل.
" علم أن سيكون منكم مرضي وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله " وقال الإمام القرطبي رحمه الله في تفسيره لهذه الآية الكريمه هو أنه سوى الله تعالي في هذه الآية بين درجة المجاهدين والمكتسبين المال الحلال فكان هذا دليلا على أن كسب المال بمنزلة الجهاد لأنه جمعه مع الجهاد في سبيل الله، ويتلخص مما سبق أن ضابط الشهادة هو النية فقد يكون في الظاهر مجاهدا في سبيل الله ومصيره جهنم والعياذ بالله وكذلك من يموت بسبب معصية كمن دخل دارا ليسرق فانهدم عليه الجدار فمات بالهدم فلا يقال له شهيد وكذلك الميتة بحمل من الزنا لا تعد شهيدة.
إضافة تعليق جديد