التظيم والادارة قال لهم : ليس لدينا مانع من تعيينكم .. ولكن وزير المالية " مش هيوافق"
كتب: سعيد نصر
مازال الألاف من المواطنين العاملين فى التشجير وفحص واعتماد التقاوى بالجمعيات الزراعية بمختلف المحافظات يعانون من التجاهل الحكومى التام لمشكلتهم الكارثية ، حيث يعملون بـ 120 جنيها شهريا ، وبدون أى حقوق وظيفية أو تأمينية أو صحية ، والغريب أنهم ذهبوا من محافظاتهم إلى وزارة الزراعة فى القاهرة أكثر من 15 مرة ، من أجل نيل حقوقهم الضائعة ، ولكن دون جدوى، والتفاصيل فى السطور التالية .
أمل سالم أبو الفرج حسين ، حاصلة على دبلوم ثانوى فنى صناعى عام 1984 ، و تعمل فى فحص واعتماد التقاوى بالجمعية الزراعية لقرية الحصص التابعة لادارة شربين ، وعدد العاملين بنظام الساركى فى هذه الجمعية 5 أفراد ، 3 نساء و رجلان ، وكلهم يعملون من فترة طويلة لدرجة ان اعمارهم تخطت الـ 50 عاما.
وتؤكد أمل أنها تعاقدت على العمل فى 1 يناير 2001 ، أى أنها تعمل منذ 15 عاما ، ولم يتم تثبيتها حتى الآن ، برغم أنها لم تتغيب عن عملها يوما واحدا ، وبرغم أنها تعمل بكفاءة يشهد بها رؤساؤها فى العمل .
وتقول أمل : مرتبى الشهرى عبارة عن مكافأة 100 جنيه ، وكنت أحصل على 30 جنيه فقط قبل ثورة يناير ، وهناك من كان يعمل معنا بتاريخ لاحق لنا ، وتم تثبيته ولم يتم تثبيتنا ، " عشان احنا ولاد البطة السودا "، وذهبنا سنوات طويلة كعب داير إلى المسئولين فى الدقهلية والقاهرة، وبالأخص فى وزارة الزراعة ومركز البحوث الزراعية من أجل تثبيتنا ، وكنا فى الوزارة ومركز البحوث منذ أسبوع ، ولكن دون جدوى ، وعددنا على مستوى الادارات الزراعية بالدقهلية يصل لنحو 140 فردا ، كلهم يعملون بنظام الساركى ، ويتقاضون "ملاليم"، برغم أن كل واحد منا يعول أسرة قوامها 5 أفراد على الأقل.
أمل تتمالك أعصابها وتمسك دموعها ، وتتساءل بصوت تغلفه نبرة حزن مصحوبة بإحساس بالحسرة : أين العدالة الاجتماعية التى يتحدثون عنها منذ ثورة 30 يونيو 2013؟ ، وتضيف : كيف أعيش بمكافأة شهرية 125 جنيها ، يتم الخصم منها إذا تغيبت يوما ، أو أصابنى مكروه ؟ ، وتستطرد : لا تندهش من كلامى ، فنحن لانخضع لقانون العمل ، وليس لنا إجازات لا عارضة ولا اعتيادى ، وليس لنا أى حقوق ، فلا تأمين صحى لنا ولا أى شىء ، وتصرخ قائلة : "إنت فين يا حكومة .. إنت فين يا رئيس الحكومة ، هل تقدر أن تعيش ولو يوما واحدا بـ 125 جنيها فى ظل هذه الظروف ،أرجوك أنطر لنا بعين الرحمة ، فنحن مواطنون ولنا حقوق بنص الدستور".
وتؤكد أمل أنه تم صدور قرار بتثبيتهم فى 2011 ، وقرار آخر فى 2013 ، وتم ثبيت البعض برغم أنهم الأحدث ، قائلة : هذا حقنا ولكنه مسلوب منا ، ونناشد كل المسئولين المعنيين ، وعلى رأسهم الرئيس عبد الفتاح السيسى باعادته لنا وتثبيتنا رحمة بنا وبأسرنا .
نفيسة إبراهيم السيد ، حاصلة على دبلوم تجارة دفعة 1989 ، وتعمل هى الأخرى بنظام الساركى ، المعروف بنظام العمالة اليومية المؤقتة ، حيث تقول : أنا أعمل "مؤقت" بالزراعة قسم فحص واعتماد التقاوي بالشرقية، وأعمل منذ عام 1996 ، أى منذ 20 عاما ، وكنا نتقاضى 2 جنيه ونصف و أصبحنا نتقاضى 5 جنيه بعد الثورة ، ولكن أيأم الجمع خصومات ، وكذلك أيام الإجازات الرسمية ، وليس لنا أى حقوق تأمينية ، فلا تأمين صحى ولا غيره ، وعانينا الأمرين " ودوخنا السبع دوخات من أجل الحصول على حقنا فى التثبيت ولكن دون جدوى ، وأنا مستعدة أن أعمل فى "الظلط" وفى أى محافظة مقابل تثبيتى ، فالتعيين بالنسبة لنا مسألة حياة أو موت ، فنحن وأسرنا على مشارف التشرد ، ولذا اناشد كل المسئولين وأقول لهم " إرحمونا بقى .. تعبنا اوى بجد .. ارحموا من الأرض يرحمكم من فى السماء " .
وتضيف نفيسة : نحن نعمل براتب " ميجيبش كيس كرملة " ، وصبرنا على أمل التثبيت من أيام عاطف عبيد ، وخفنا نروح اى مكان آخر ، حتى لا تضيع الفرصة التى فى يدنا ، ولم يتم تثبيتنا برغم صدور قرار بتثبيتنا من وزير الزراعة الأسبق الدكتور أيمن فريد أبو حديد .
نفيسة تصرخ من شدة غضبها وتقول : كلما نطلب منهم التعيين ، يقولون لنا " انتم يومية" ، برغم أن هناك ناس مثلنا فى الوزارة وتم تثبيتهم ، " ياترى هما من طينة واحنا من طينة ، ياترى هما هما اولاد ناس واحنا ولاد ... ، ياترى هما مواطنين درجة أولى واحنا مواطنين درجة ثالثة ".
وتستطرد نفيسة :" للعلم فيه درجات كثيرة فاضية في الوزارة وفيه ناس تانية بيتعمل لها عقود مزورة من زمان ويثبتوا بها أولادهم وأخواتهم وأزواجهم
، وأنا مستعدة أروح بور سعيد ، الاسماعيلية الاسكندرية ، دمياط ، دي فيا درجات فاضية كثيرة
مش لازم محافظتي".
نفيسة تصرخ بأعلى صوت : يا حكومة بلدنا ، ارحمينا ، فأنا سيدة مطلقة وأعمل منذ نحو عشرين عاما ، ولم يتم تثبيتى حتى الآن ، يرضى مين ده ! ، ارحمونا وثبتونا ، ده حقنا و حق مسلوب مننا ، ولازم يرجع لنا " .
عبير عبد الرحمن إبراهيم ، دبلوم صناعة دفعة 1996 وتعمل بنظام الساركى بقسم الانتاج " انتاج تقاوى" فى احدى الجمعيات الزراعية بشربين منذ عام 1998 ، أى منذ 18 عاما .
تقول عبير : أعمل بـ 5 جنيهات فى اليوم ، ويخصم منى الإجازات الرسمية و أيام الجمع ، ولا يسمح لنا بالتوقيع فى أول يوم من كل شهر ليتم خصمه ، وبالتالى لانحصل إلا على نحو 120 جنيها فى الشهر.
وتضيف عبير: أطالب الحكومة ممثلة فى وزارة الزراعة ومركز البحوث الزراعية بتعييننا وتثبيتنا ، فأنا عمرى الآن 40 عاما ، ولم يعد أمامى فرصا اخرى ، ولدينا بيوت وأولاد ، ومن حقنا أن نكون كغيرنا من المواطنين ، ونحن من حقنا أن نحصل على حقوقنا الاقتصادية والاجتماعية التى أقرها دستور 2014 ، وأعتقد أن تثبيتنا ليكون لنا تأمين صحى ، ونكون خاضعين لقانون العمل الموحد ، هو الحد الأدنى لحقوقنا الاقتصادية والاجتماعية المقررة للمواطنين بنصوص دستورية .
عبير تؤكد أنهم ذهبوا عشرات المرات إلى الوزارة فى القاهرة من أجل تثبيتهم ، ولكن دون جدوى ، فكلما تحثنا معهم عن مشكلتنا قالوا لنا " انتم تبع صناديق خاصة ومالكوش دعوة بوزارة المالية ، انتوا مهمشين وعمال خواطرية.
وتقول عبير : انا عن نفسى ذهبت إلى وزارة الزراعة ومركز البحوث الزراعية مع بعض زملائى أكثر من 15 مرة ، وكنا نتقاضى 30 جنيها وزاد مرتبنا بعد ثورة 25 يناير إلى 120 جنيها على 3 مراحل ، وتضيف: ذهبنا إلى التنظيم والإدارة فى القاهرة 4 مرات ووجدانهم متعاطفين معنا ، وقالوا لنا: "ليس لدينا مانع .. ولكن وزير المالية مش موافق " .
وتستطرد عبير : أصبحنا تائهين ولا أحد يفكر فى مشكلتنا وظروفنا السودا ، وكلما ذهبنا إلى المسئولين نجدهم
"يشقلطونا" لبعضهم البعض ، وتلاعبون كتلاعب الناس بالكرة ، ونحن متمسكون لأقصى حد بنيل حقنا المسلوب ، فالتعيين والتثبيت حقنا ، ومن حقنا الحصول عليه ، ولذا نناشد وزير الزراعية ووزير المالية باعطائنا حقنا فى التعيين والتثبيت .
صالحة محمد محمد غيط ، دبلوم زراعة 1987 ، وتعمل بفحص واعتماد التقاوى بشربين دقهلية منذ 1 أبريل 1996 ، أى منذ 20 عاما ، وأقصى مرتب تحصل عليه 120 جنيها ، ولم يتم تثبيتها حتى الآن برغم أنها "داخت السبع دوخات" ، من خلال سعيها إلى القاهرة لمقابلة المسئولين دون جدوى ، حيث كانت فى كل مرة تجدهم " ودن من طين وأخرى من عجين" .
صالحة تؤكد أنه تم تهديدهم بأن من يذهب منهم إلى وزارة الزراعة فى القاهرة ويشتكى ليطلب بالتعيين والتثبيت سيتم معاقبته بحرمانه من العمل بالساركى وفصله منه ، ولكن التهديد لم يخيفهم وذهبوا بالفعل للوزارة منذ نحو اسبوع ، ولكن دون جدوى ، حيث الردود الحالية نفس الردود السابقة ، التى لا تثمن ولا تغنى من جوع ، وتزيد من معدل اليأس والاحباط فى النفوس .
صالحة تطالب وزارة الزراعة والحكومة بتعيينهم وتثبيتهم ، ومنحهم حقوقهم المسلوبة منهم ، خاصة وأنه لم يعد أمامهم أى فرص أخرى للتعيين فى اى مكان آخر ، وتتساءل: "كيف نعيش بـ 120 جنيها فى الشهر وظروفنا سيئة ولدينا بيوت وأولاد وإلتزامات .. ارحمونا !!"
إضافة تعليق جديد