رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

السبت 11 يناير 2025 1:47 ص توقيت القاهرة

العفاف والوفاء بالعهد

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، كما يحب ربنا ويرضاه، أحمده تعالى وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة أرجو بها النجاة يوم نلقاه، يوم يبعثر ما في القبور ويحصّل ما في الصدور، وأَشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه وسلم تسليما كثيرا ثم أما بعد، روى البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال "أخبرني أبو سفيان أن هرقل قال له سألتك ماذا يأمركم؟ فزعمت أنه يأمر بالصلاة والصدق والعفاف والوفاء بالعهد وأداء الأمانة، قال وهذه صفة نبي" وروى الامامان البخاري ومسلم في صحيحهما عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان" 

وقال العلامة الشيخ ابن عثميمن رحمه الله في شرح لهذا الحديث "يعني إذا ائتمنه الناس على أموالهم أو على أسرارهم أو على أولادهم أو على أي شيء من هذه الأشياء فإنه يخون والعياذ بالله، فهذه من علامات النفاق، وروى السيوطي في الدر المنثور عن سفيان بن عيينة قال "من لم يكن له رأس مال فليتخذ الأمانة رأس ماله" وعن ميمون بن مهران قال "ثلاثة يؤدين إلى البر والفاجر، الأمانة، والعهد، وصلة الرحم" وروى ابن قتيبة في عيون الأخبار عن ابن أبي نجيح قال "لما أتي عمر بتاج كسرى وسواريه جعل يقلبه بعود في يده ويقول والله إن الذي أدى إلينا هذا لأمين، فقال رجل يا أمير المؤمنين أنت أمين الله يؤدون إليك ما أديت إلى الله فإذا رتعت رتعوا، قال صدقت" وروى ابن مفلح في الآداب الشرعية " 

عن نافع مولى ابن عمر قال "طاف ابن عمر سبعا وصلى ركعتين، فقال له رجل من قريش ما أسرع ما طفت وصليت يا أبا عبد الرحمن، فقال ابن عمر أنتم أكثر منّا طوافا وصياما، ونحن خير منكم بصدق الحديث، وأداء الأمانة وإنجاز الوعد، وإن الإنسان إذا أطاع الله تعالي شعر براحة كبيرة وإذا أطاع الله عز وجل شعر بالأنس وشعر بحماية الله سبحانه، وهو في ظل الله عز وجل وهو في رعايته ومعنى قوله تعالى " فإنك بأعيينا" أي برعايتنا وبحفظنا وبتوفيقنا وبتأييدنا وبنصرنا، فالله تعالى هو المتولي لأمور خلقه والقائم على تدبير ملكه، فإن الله عز وجل هو الرحمن الرحيم، يكشف الكروب، ويغفر الذنوب، ويرحم عباده في الدنيا والآخرة، والمتأمل في القرآن الكريم يجد أن اسم الله عز وجل الرحيم جاء مقترنا باسمه عز وجل التواب والغفور. 

وذلك دلالة على سعة أبواب رحمته ومغفرته وقبوله للتائبين، ويأتي اسم الله عز وجل الرحيم مقترنا بإسمه عز وجل العزيز ليبين أنه سبحانه وتعالى يعفو عن الزلات رحمة وتفضلا، بعزة وإقتدار، حيث جاء قوله سبحانه " وإن ربك لهو العزيز الرحيم" كما اقترن اسم الله تعالى الرحيم باسمه البر أيضا، فالله سبحانه هو الرحمن الرحيم وهو البر الرحيم وهو الحكيم العزيز وهو القادر المقتدر، وهو المانع والمانح، وهو الغني المغني، وهو المعز المذل، فالأمر كله لله عز وجل، وقد جمع الله سبحانه اسمي الرحمن والرحيم في سورة الفاتحة التي يقرؤها المسلم سبعة عشر مرة كل يوم وليلة في صلاة الفريضة وحدها، وإن آثار اسم الله الرحيم تملأ الكون، وتغمر الخلائق، ولا شك أن المؤمن الحق الذي يستشعر رحمة الله تعالى، ويقبل على ربه تائبا، آملا في رحمة ربه وعفوه. 

كما أنه يرحم عباد الله حتى يرحمه الله، حيث يقول نبينا المصطفي صلى الله عليه وسلم "الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء" ويقول صلى الله عليه وسلم "من لا يرحم لا يُرحم".

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.