بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الذي خلق الإنسان في أحسن تقويم، والصلاة والسلام على محمد بن عبدالله المتمم لمكارم الأخلاق، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم، ثم أما بعد لقد تكاثرت الرسائل والفتاوي في تقرير العقيدة الصافية وتنقيتها من شوائب الخرافة وظلام الفلسفة وكشف الشبه المضللة، كذلك من بعده أبناؤه وتلاميذه أئمة الدعوة النجدية السلفية، وقال الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن رحمه الله " وأما تكفير من أجاز دعاء غير الله وغير ذلك من أنواع عباداتهم فكلامهم أي العلماء فيه وفي تكفير من فعله أكثر من أن يحاط به ويحصر وقد ذكر الإجماع عليه غير واحد ممن يقتدى به ويرجع إليه من مشايخ الإسلام والأئمة الكرام ونحن قد جرينا على سننهم في ذلك وسلكنا مناهجهم فيما هنالك لم نكفر أحدا إلا من كفره الله ورسوله وتواترت نصوص أهل العلم على تكفيره ممن أشرك بالله وعدل به سواه "
وقد أجاد وأفاد الشيخ علوي السقاف في كتابه "التوسط والاقتصاد في أن الكفر يكون بالقول والفعل والاعتقاد" حيث ذكر فتاوى ما يزيد على مائة عالم من علماء الأمة من التابعين حتى المعاصرين من مختلف المذاهب الفقهية على أن الكفر الأكبر يكون بالقول والفعل وليس بمجرد التكذيب كما هو مذهب المرجئة، والخلاصة أن الطريق الوسط والصراط المستقيم هو التكفير بحق بدون تفريط المرجئة الوعدية ولا إفراط الخوارج الوعيدية، وإن تقرير مسائل التكفير إنما هو من حيث الإطلاق، أما من جهة التعيين أي تكفير المعين، فهذا مناطه العلم اليقيني بحال المعين أي تحقيق المناط، وهو مبني على مدى تحقق شروط التكفير وإنتفاء الموانع وهذا منهج السلف الصالح الذي سارت عليه هذه الدعوة الإصلاحية التجديدية، وقال الإمام المجدد موضحا كلام شيخ الإسلام " وهذه صفة كلامه في كل موضع وقفنا عليه، لا يذكر عدم تكفير المعين إلا ويصله بما يزيل الإشكال.
وأن المراد التوقف عن تكفيره قبل أن تبلغه الحجة وإما إذا بلغته الحجة حكم عليه بما تقتضيه تلك المسأله من تكفير أو تفسيق أو معصية" وقد رُميت الدعوة بشبهة تنزيل آيات المشركين على المسلمين وممن رماها بذلك سليمان بن عبدالوهاب وعلوي الحداد واللكنهوي وزيني دحلان والزهاوي ومحمد نجيب سوقية وغيرهم من أهل الإفك، وأما عمن إرتكب شيئا من المكفرات جهلا فلا عذر لأحد بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم في عدم الإيمان به وبما جاء به بكونه لم يفهم حجج الله وبيناته لأن الله تعالى أخبر عن الكفار بعدم الفهم، فقال تعالى " وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا" وكما قال تعالي "إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون" وكما قال تعالي " صم بكم عمي فهم لا يعقلون" والآيات في وصفهم بغاية الجهل كثيرة معلومة، فلم يعذرهم الله تعالى بكونهم لم يفهموا، بل صرح بتكفير هذا الجنس وأنهم من أهل النار.
كما قال تعالى " قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا، الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا" وقوله تعالي " ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون" وإنا لو لم نكفر إلا العارف المعاند لزمنا ألا نكفر اليهود والنصارى وهذا من أبطل الباطل، وقيل في المقالات الخفية التي هي كفر "قد يقال إنه مخطئ ضال لم تقم عليه الحجة التي يكفر صاحبها" ولم يقل ذلك في الأمور الظاهرة، بل قيل " ثم تجد كثيرا من رؤوسهم وقعوا في هذه الأمور فكانوا مرتدين" فحكم بردتهم مطلقا ولم يتوقف في الجاهل، فالكلام ظاهر في التفرقة بين الأمور المكفرة الخفية كالجهل ببعض الصفات ونحوها فلا يكفر بها الجاهل كقوله للجهمية " أنتم عندي لا تكفرون لأنكم جهال"
إضافة تعليق جديد