رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الخميس 13 فبراير 2025 4:25 م توقيت القاهرة

اللحظة الحاسمة في تاريخ المرء

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله رب العالمين اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد لقد جعل الله تعالى شهر شعبان بمثابة الختام لأعمال السنة، ففيه ترفع أعمال السنة كما في الحديث " وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم " فشهر شعبان هو الموسم الختامي لصحيفتك وحصاد أعمالك عن هذا العام، فبما ستختم عامك؟ ثم ما الحال الذي تحب أن يراك الله عليه وقت رفع الأعمال؟ إنها لحظة حاسمة في تاريخ المرء، حين تصعد الملائكة بحصاد عامه كله، لتعرض هذه الأعمال على الله تعالى، فهل تحب أن يرفع عملك وأنت في طاعة لله وثبات على دينه. 

وفي إخلاص وعمل وإجتهاد وتضحية، أم تقبل أن يرفع عملك وأنت في سكون، وضعف همة، وقلة بذل وإعراض عن الله؟ راجع نفسك، يا عبد الله، وبادر بالأعمال الصالحة قبل رفعها إلى الله في شهر رفع الأعمال واعلم "إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا " ولقد تضمن حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما الحكمة لإكثار النبي صلى الله عليه وسلم من الصيام في شهر شعبان حيث قال " ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان" فإن الناس يهتمون بشهر رمضان لما فيه من الفضائل، ويعظمون شهر رجب لمكانته وحرمته، فأراد أن يبين لهم فضيلة شهر شعبان، ولو تأملت لأحوال الناس تجد أن الكثير منهم يستعدون لشهر رمضان بإنجاز أعمالهم الدنيوية في شعبان للتفرغ لشهر رمضان ومن ثمّ يتحول شعبان إلى شهر دنيوي بحت، ومن هنا تكون الغفلة.

وقال أهل العلم، في قوله صلى الله عليه وسلم " يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان" هو دليل على إستحباب عمارة أوقات غفلة الناس بالطاعة، وأن ذلك محبوب لله عز وجل ففي حديث الثلاثة الذين يحبهم الله تعالى عن أبي ذر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال " ثلاثة يحبهم الله، وثلاثة يبغضهم الله، أما الثلاثة الذين يحبهم الله، فرجل أتى قوما فسألهم بالله، ولم يسألهم بقرابة بينهم فمنعوه، فتخلف رجل بأعقابهم، فأعطاه سرا، لا يعلم بعطيته إلا الله، والذي أعطاه، وقوم ساروا ليلتهم حتى إذا كان النوم أحب إليهم مما يعدل به، نزلوا فوضعوا رؤوسهم، فقام أحدهم يتملقني ويتلو آياتي، ورجل كان في سريّة، فلقوا العدو فهزموا، فأقبل بصدره حتى يُقتل، أو يفتح الله له " رواه الترمذي، فإننا حينما ننظر ونتأمل جيدا إلى الجامع المشترك لهذه الأعمال الثلاثة. 

والسر في محبة الله تعالى لهم، لوجدنا أنه بعد الإخلاص لله تعالى هو الخفاء والسر، واليقظة في وقت غفلة الآخرين، فيظفر هذا المجتهد في أوقات غفلة الناس بمضاعفة الأجور والحسنات لأن الأعمال والقربات التي في غفلة الناس يعظم أجرها وثوابها عند الله تعالى فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الذي يتقرب إلى الله تعالى في الهرج وأوقات الفتن أجره عظيم فقال صلى الله عليه وسلم " إن من ورائكم أياما الصبر فيهن مثل القبض على الجمر، للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلا يعملون مثل عملكم، قيل يا رسول الله، أجر خمسين منا أو منهم؟ قال بل أجر خمسين منكم" فالخطاب موجه للصحابة رضي الله عنهم أي إن للعامل في أزمان الفتن ووقت الهرج أجر خمسين منكم. 

ثم بيّن النبي صلى الله عليه وسلم علة ذلك بقوله " إنكم تجدون على الخير أعوانا ولا يجدون " رواه أبو داود، وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " بدأ الإسلام غريبا، وسيعود غريبا، كما بدأ، فطوبى للغرباء، قيل يا رسول الله، من الغرباء؟ قال الذين يصلحون إذا فسد الناس".

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.