المؤامرة .............الجزء الحادى والعشرون
.
استقبلت البلاد عام 2011 بانفجار سيارة مفخخة أمام "كنيسة القديسين" في "ليلة رأس السنة" في مدينة "الإسكندرية"، سقط على أثره 21 قتيلًا وأصيب مائة شخص، من بينهم ضابط وثلاثة جنود من قوة تأمين الكنيسة، عقب الحادث توجه الرئيس الأسبق "حسنى مبارك" بخطاب إلى الأمة تعليقًا على التفجير، قائلًا إنه سيضرب بيد من حديد من يزعزع أمن مصر ومن يقوم بزرع الفتنة الطائفية بين شعبها..
.
التفجير أشعل الكثير من المظاهرات المنددة به، منها مظاهرة شباب المقطم وحى الزبالين، ورفض بعض المسيحيين تعزية محافظ الإسكندرية وحاولوا قذفه بالطوب، لكن الأمن منعهم.. وتصاعدت الأحداث وازدادت وتيرة الاحتجاجات خصوصا بعد محاولات الترويج لشائعات وأقاويل عن تورط حبيب العادلى، وزير الداخلية آنذاك، في هذا التفجير، وذلك بناء على ما نُشر بإحدى الصحف البريطانية، كتهديد للبابا شنودة الثالث.
.
خرج العادلى في عيد الشرطة، ليؤكد أن حادث القديسين كان صدمة لمصر، وأنه كان من تدبير عناصر تنظيم جيش الإسلام الفلسطينى المرتبط بتنظيم القاعدة الذين تخفوا وراء عناصر مدربة خططوا لتنظيم هذا العمل الإرهابى، وكان من نتائج التحقيق في الحادث بمعرفة جهاز أمن الدولة، آنذاك، وفاة السلفى سيد بلال، الذي أثارت قضيته الرأى العام لفترة طويلة بعد ذلك، وتم ضبط بعض العناصر، ومنهم أحمد لطفى جاد، الذي تبين من خلال التحقيقات التي أجريت معه تورطه في الحادث، بعد تلقيه تكليفات من قيادى جيش الإسلام "ممتاز دغمش"، إلا أن هذا الحادث شهد مزايدات غير مسبوقة، والأحداث التي شهدتها البلاد بعد ذلك أكدت أن الغرب كان يسعى لاستخدام الحادث لتأجيج مشاعر المصريين ضد النظام من جانب وتكريس النزعة الخلافية الطائفية من جانب آخر.
.
في التوقيت ذاته، شهدت الفترة السابقة على تاريخ 25 يناير 2011 اضطلاع بعض العناصر الشبابية والناشطين السياسيين، ومن بينهم عناصر مرتبطة بأجندات أجنبية، سبق تلقيها دعما ماليا ودورات تدريبية بالخارج على كيفية تفجير الثورات الشعبية، بالدعوة على شبكة الإنترنت بموقعى "فيس بوك" و"تويتر" لتنظيم تحركات حاشدة بمختلف المحافظات، بالتزامن مع الاحتفال بعيد الشرطة، في إطار التعبير عن احتجاجهم على تدهور الأوضاع الاقتصادية بالبلاد، وترهل النظام السياسي وتفشى الفساد، فضلًا عن تأثرهم بتطورات الأحداث بدولة تونس، وما أسفرت عنه من خلع الرئيس التونسى الأسبق، ما ولَّد لديهم القناعة بإمكانية حدوث ذلك بمصر، من خلال الدعوة لثورة شعبية لإسقاط النظام خصوصًا عقب تكرار قيام بعض الأشخاص بإشعال النيران في أنفسهم أمام مقر مجلس الشعب على غرار الأوضاع بتونس.
.
شهدت تلك الفترة العديد من الأحداث وتطور الموقف بسرعة مذهلة، ورصدت أجهزة المعلومات المصرية، العديد من التحركات لعدد من أجهزة المخابرات الأجنبية، وبصفة خاصة الأمريكية، كما شهدت نشاطًا ملحوظًا لعناصر تلك الأجهزة في ميدان التحرير.. إبان الأحداث..
وكانت التقديرات الأمنية، تؤكد أن ثمة حدثا كبيرا تستعد له البلاد على غرار الأحداث في تونس، وتم عرض تلك التقديرات بتاريخ 8 يناير 2011 على القيادة السياسية بمعرفة المشير حسين طنطاوى الذي كانت لديه تخوفات طبقًا لتقارير أجهزة أمن القوات المسلحة، تشير إلى أن الحدث قد يخرج عن نطاق المظاهرة إلى نطاق العصيان المدنى، وعلى الفور صدرت توجيهات القيادة العامة للقوات المسلحة برفع حالة الاستعداد اعتبارًا من يوم 20 يناير 2011.
.
23 يناير 2011
توجهت في ذلك اليوم بعثة عسكرية مصرية برئاسة الفريق سامى عنان، رئيس أركان حرب القوات المسلحة، لزيارة الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك لحضور المؤتمر السنوى للتنسيق والتعاون العسكري المصرى الأمريكى، وهو المعنيُّ بالبحث في جميع أنواع التعاون لكل الأفرع والأسلحة ويهتم بتحديد المطالب وتقييم ما تم إنجازه، ويشار إلى أن الزيارة المشار إليها كان مخططًا لها شهر أكتوبر 2010، وتم تأجيلها لكون الموعد المحدد كان يواكب انتخابات مجلس الشعب المصرى، وهو ما يستدعى أعمال تأمين وحماية تتولاها القوات المسلحة بإشراف رئيس الأركان.
.
24 يناير 2011
عقد اجتماع مجلس الأمن القومى، بحضور رئيس الجمهورية ووزير الدفاع، ومدير المخابرات العامة، ووزير الداخلية، ومدير المخابرات الحربية، ورئيس هيئة الأمن القومى، ورئيس جهاز مباحث أمن الدولة، وذلك عقب الانتهاء من الاحتفالات بأعياد الشرطة، وتناول الاجتماع الوضع الراهن وتقديرات يوم 25 يناير 2011، حيث أجمع الحاضرون على خطورة الموقف، وأشار حبيب العادلى، وزير الداخلية، وقتئذ إلى أنه قد رفع درجات استعداد وزارة الداخلية بكل أجهزتها لمواجهة الحدث، وأنه في تقديراته أن الأمور سوف تتم السيطرة عليها ولا داعى للقلق من الأوضاع الأمنية.
.
خلال الفترة من أول يناير تواترت المعلومات من مختلف الأجهزة الأمنية بأن هناك حالة من الترقب للأوضاع الداخلية لدى بعض الدول (الولايات المتحدة الأمريكية- إسرائيل تركيا- قطر- إيران- حركة حماس الفلسطينية)، وتم رصد تحركات وأنشطة ملحوظة لعناصر استخبارات تلك الدول ببعثاتها الدبلوماسية في مصر.
.
تواترت معلومات متعددة من مختلف الأجهزة الأمنية تفيد بوجود حالة من الاستنفار لدى عناصر حركة حماس وكتائب عز الدين القسام وجيش الإسلام بالأراضى الفلسطينية، ووجود نشاطات ملحوظة بمنطقة الأنفاق برفح، فضلا عن تزايد أنشطة العناصر الإجرامية والمهربين، إلا أن أعمال المتابعة الأمنية لم تسفر عن ضبط أي من تلك العناصر.
الى اللقاء مع الجزء الثانى والعشرون
إضافة تعليق جديد