رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الأحد 29 ديسمبر 2024 7:37 م توقيت القاهرة

المؤامرة ......... الجزء الرابع عشر

المؤامرة ............... الجزء الرابع عشر
.
المعلوم أن جماعة الإخوان تعانى منذ فترة- ليست بالقريبة- حالة ازدواجية غير معلنة في القيادة، يمثلها فريقان داخلها، الأول فريق الحرس القديم (مجموعة ٦٥ وأنصارهم) وهؤلاء مع الصدام المؤجل مع النظام وضد أي عمل سياسي تراكمى يقود إلى تغيير بالطرق السلمية والثانى: تيار السبعينيات: الداعى إلى مزيد من العمل السياسي المتراكم الذي يوصل في النهاية إلى عودة الجماعة إلى دائرة الفعل السياسي بعيدا عن سياسة رد الفعل التي كلفت الجماعة الكثير في السنوات العشر الماضية، هذا الجناح (السبعيني) يعتبر ما يحدث فرصة لا يجب إهدارها.
.
مارست أمريكا وهى القوة العظمى الأولى في العالم ضغوطا كبيرة على النظام المصرى، وسعىت إلى تحجيم دوره لصالح قوى أخرى بديلة، والنظام عاجز عن مواجهة تلك الضغوط والشارع يغلى بالغضب، وها هي الإشارة تأتى من أمريكا باستعدادها للحوار معهم، وعدم ممانعتها لوصول قوى إسلامية للسلطة في البلدان العربية.
.
و كانت صفقة 2005 برعاية أمريكية ...
.
تمت الصفقة قبيل الانتخابات الرئاسية عام ٢٠٠٥، خاصة مع وجود بعض قيادات الإخوان في السجون، وعدم قدرة الحكومة على إعادة الشريط اللاصق على فم الإخوان مرة أخرى في ظل رقابة أجنبية صارمة ترى أن الوقت مواتٍ للتدخل في شئون البلاد الداخلية، وهو ما دفع بالحكومة إلى الاتفاق مع الإخوان على الإفراج عن المعتقلين شريطة اشتراك الإخوان في الانتخابات وعدم مقاطعتها لإكسابها نوعا من الشرعية، ربما افتقدته لو كانت الجماعة انضمت إلى جبهة المقاطعة مع التجمع والناصرى وكفاية .
.
فعملت الجماعة على تخفيض حدة اللهجة أمام النظام من «نظام استبدادى ظالم» إلى «وجوب طاعة ولى الأم» في بعض الأحيان، والامتثال لشرعية المنصب، بل وصل الأمر إلى معاداة أقوى فصيل معارض حديث وهو «كفاية»، مما أثبت أن الجماعة تتلون بكافة الألوان، وتتستر وراء الدين بغرض الوصول للسلطة والحكم.
.
ولم يكن وقوف الجماعة خلف أيمن نور في الانتخابات الرئاسية وتأثيرها على النتيجة بحصوله على أكثر من نصف مليون صوت، إلا لتحقيق العديد من الأهداف في حينه:
.
الأول: إيصال رسالة إلى النظام أنه بإمكانهم التأثير في أي انتخابات وإنجاح أي فرد حتى لو كان أقوى المعارضين للحكومة.
الثانى: إيصال رسالة إلى الغرب وخاصة الولايات المتحدة مفادها أنها جماعة تؤمن بالأفكار الليبرالية، ولا يتعارض ذلك مع برنامجها الإسلامى.
الثالث: إسقاط نعمان جمعة- رئيس حزب الوفد- والذي عارض أحقية الإخوان في حزب سياسي؛ ما دعاهم لإسقاطه وحلوله خلف أيمن نور.
و جاءت انتخابات عام ٢٠٠٥ لتكشف عدة مؤشرات لتلك الصفقة:
.
أولًا: خروج الجماعة من عباءة «الجبهة الوطنية للتغيير» واكتفاؤها بالتنسيق فقط، وهو ما لا يغنى ولا يسمن من جوع؛ حيث رأت الجماعة أن انضمامها للجبهة ربما يفرض عليها التقدم بعدد قليل من النواب في الانتخابات التشريعية.
ثانيًا: جهر المرشحين- ولأول مرة- بأنهم «مرشحو الإخوان المسلمين» على اللافتات والملصقات وفى أجهزة الإعلام، وهو ما كان ليحدث لولا وجود مثل تلك الصفقة، إضافة إلى نزول المرشحين في مظاهرات ومسيرات كبيرة تحت حراسة الأمن ودعم الحزب الحاكم!.
ثالثـــًا: انخفاض حدة اللهجة ضد الإخوان على صفحات الجرائد القومية والتخفيف من لقب «المحظورة» الذي كان ملاصقا للجماعة في أي حديث عنها، وإجراء أكثر من حوار مع قيادات الإخوان في الأهرام، والأخبار أبرزهم حوار مع المرشد، وحوار آخر مع عصام العريان.
رابعـــًا: إفراج الحكومة عن العديد من معتقلى الإخوان في السجون، منهم محمود عزت، الرجل القوى في مكتب الإرشاد وأمينها العام، و٩ آخرين من أعضاء الجماعة، أبرزهم أحمد أشرف مدير دار التوزيع والنشر الإسلامية، بالإضافة للسماح لكافة مرشحى الإخوان بنزول الانتخابات دون شطب أو تقييد.
خامســـًا: إعطاء مساحة كبيرة للإخوان في الانتخابات الطلابية، خاصة مع العلم بأن الإخوان خلال ثلاث سنوات ماضية كانوا ممنوعين من مزاولة النشاط الطلابى وممنوعين من دخول الانتخابات.
.
وقد جرى اجتماع داخل مقر الجهاز في ٣١ نوفمبر ٢٠٠٥ بين المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين آنذاك، و محمد مرسي مسئول ملف الانتخابات بالجماعة وقتها، ورئيس مجموعة الإخوان بجهاز مباحث أمن الدولة , للتنسيق بين الجماعة والجهاز بخصوص انتخابات مجلس الشعب التي جرت في العام نفسه.
حيث تم استعراض أسماء مرشحى الإخوان المقرر خوضهم الانتخابات في مرحلتها الأولى ودوائرهم، والمفاوضات مع (الشاطر ومرسي)، وأسفرت عن تقليص عدد المرشحين المزمع خوضهم للانتخابات في المرحلة الأولى من ٦٢ إلى ٥١ مرشحا، وجرى تقليص العدد من ٤٥ ليصل إلى ٤٠ مرشحا.
.
إن النجاح الذي حققته الجماعة في نوفمبر وديسمبر ٢٠٠٥، أعقبه نجاح ساحق لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الانتخابات التشريعية الفلسطينية في يناير ٢٠٠٦ قد دعم موقفها بشكل كبير على الصعيدين المحلى والدولى، خاصة مع استغلال الجماعة تواجدها في البرلمان من عقد مواءمات مع النظام، ومحاولة تشويه كل شيء دون المعارضة البناءة، ومحاولات إظهار الدفاع عن قضايا الفقراء من خلال الزيت والسكر؛ من أجل تكوين شبكة قاعدية مجتمعية تدفعها لترويج أفكارها وتساعدها في تحقيق مخططها، في حين أنها منغمسة مع النظام في صفقات ومواقف، منها أزمة وزير الثقافة فاروق حسنى، وموقفها من ترشح جمال مبارك للرئاسة، وحديث المرشد عن الرئيس السابق مبارك بأنه «الأب الروحى» .
.
منذ تلك اللحظة أدركت أمريكا أنها وجدت ضالتها التي تمكنها من تحقيق مآربها في مصر، خاصة أن الجماعة- وكما رأينا من واقع معلومات قضية التنظيم الدولي- لها علاقات وتشابكات دولية في عدة دول، وهو ما يمكنها من تنفيذ الأجندة الأمريكية، وهو ما كشفت عنه الوثيقة المسربة في نوفمبر ٢٠٠٥، والتي تتحدث عن أن أفضل وسيلة لمواجهة الإسلاميين السياسيين ضيقى الأفق هي فتح النظام، وإعطاء الفرصة للإخوان ليكونوا «بديلًا يُعتمد عليه».

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.