رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الخميس 10 أكتوبر 2024 7:09 ص توقيت القاهرة

المبشرات لمن صبر على ما أصابه

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد إن من أسرار الإبتلاء وحكمه هو ما ذكره شيخ الإسلام  ابن القيم رحمه الله عن بعضها في كتابه إغاثة اللهفان ومنها حصول الإخلاص في الدعاء وصدق الإنابة إلى الله تعالي، والإلتجاء وشدة التضرع بمن لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، ومن فوائد الابتلاء أنه تمحيص الذنوب والسيئات وبلوغ الدرجات العلية في الجنات "إلى آخر ما ذكر رحمه الله، وروي أنه كان في زمن حاتم الأصم رجل يقال له معاذ الكبير، أصابته مصيبة فجزع منها وأمر بإحضار النائحات وكسر الأواني، فسمعه حاتم فذهب إلى تعزيته مع تلامذته، وأمر تلميذا له، فقال إذا جلست فاسألني عن قوله تعالى "إن الإنسان لربه لكنود" فسأله فقال حاتم ليس هذا موضع السؤال، فسأله ثانيا وثالثا، فقال معناه أن الإنسان لكفور. 

عداد للمصائب، نساء للنعم، مثل معاذ هذ، ان الله تعالى متعه بالنعم خمسين سنة، فلم يجمع الناس عليها شاكرا لله عز وجل، فلما أصابته مصيبة جمع الناس يشكو من الله تعالى ؟ فقال معاذ بلى، إن معاذا لكنود عداد للمصائب نساء للنعم، فأمر بإخراج النائحات وتاب عن ذلك، وهكذا إنما يوفي الصابرون أجرهم بغير حساب، فيقول تعالي " ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين، الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون" وقال صلى الله عليه وسلم " ما رُزق عبد عطاء خيرا له ولا أوسع من الصبر " رواه الحاكم، أما مصيبة المرض فإن الله جعلها تذكرة وتنبيها للمؤمن ليعود إلى ربه وتنكسر نفسه بين يديه جل وعلا، وقد جعل الله الأجور الوفيرة لمن صبر على مرضه الذي نزل به، والمرض إما أن يكون حسيا عضويا. 

أو يكون مرضا نفسيا والأمراض في كل منهما تتفاوت درجاتها ولكن على قدر المشقة والألم يكون الأجر والجزاء، فإذا حلّ بك مرض صغيرا أو كبيرا فاصبر عليه صبر الراضي بقضاء الله وقدره، وتذكر ما أعده الله تعالي للصابرين على ما أصابهم من الأمراض والأوجاع ، والمرض خير للإنسان، وعلامة من علامات الإيمان وأما من لم يصب بالمرض ولا بشيء من الأسقام فذاك نذير خطر وعلامة شر، وفي كتاب الزهد لهنّاد عن ابن مسعود رضي الله عنه قال " إنكم ترون الكافر من أصح الناس جسما وأمرضهم قلبا وتلقون المؤمن من أصح الناس قلبا وأمرضهم جسما، ومن أعظم المصائب التي تقع كثيرا ويحسن الحديث عن فضل الصبر عليها وإحتساب الأجر في حق من حلت به المصيبة بفقد الأولاد والأحباب، فلا شك أنها من أعظم البلاء على النفس وموت الولد خاصة ذكرا كان أو أنثى فجيعة وأي فجيعة ومن ذاق الفراق عرف طعمه المر قال بعضهم. 

ففقد الولد لا شك أنه من أشد البلاء وأقساه فالولد قطعة من والديه ولهذا جاء في سنن الترمذي عن أبي موسى الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " قال إذا مات ولد العبد قال الله لملائكته قبضتم ولد عبدي فيقولون نعم فيقول قبضتم ثمرة فؤاده فيقولون نعم فيقول ماذا قال عبدي فيقولون حمدك واسترجع فيقول الله ابنوا لعبدي بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد " ولكن نقول أيها المبتلى بفقد ولده كان ما كان وذهب ولدك فما أنت صانع ؟ وإلى أين المفر والمشتكى ؟ فليس لك إلا الصبر الجميل، الصبر الذي لا شكوى فيه، والرضا والتسليم بما كتب الله تعالي، فتلك وديعة الله عندك وقد استردها ونحن ملكه وعبيده والخلق خلقه والأمر أمره، فاصبر وصابر، ويا أيها المفجوع بفقد ولده جملة من المبشرات لمن صبر على ما أصابه، لعلّها أن تسلَّيك وتعزيك، وتنفس عنك شيئا من همومك وأحزانك.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.