بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الخميس الموافق 24 أكتوبر 2024
الحمد لله الذي خلق الإنسان في أحسن تقويم، والصلاة والسلام على محمد بن عبدالله المتمم لمكارم الأخلاق، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم، ثم أما بعد إن سر سعادة العبد في تقوى الله تعالي، فإن من اتقى الله وقاه، وتقوى الله عز وجل لا تكون إلا بفعل المأمور وترك المحظور، فسعادة العبد وحياته الحقيقية في الاستجابة لله والرسول صلى الله عليه وسلم، وكلما إزداد تمسك العبد وخضوعه للكتاب والسنة تحكيما وإذعانا، وقبولا وتسليما، إرتقى في درجات الحياة الطيبة، ومن لم تحصل له هذه الإستجابة لله وللرسول صلى الله عليه وسلم فلا حياة له، وإن كانت له حياة بهيمية مشتركة بينه وبين أراذل الحيوانات.
فالحياة الحقيقية الطيبة هي حياة من استجاب لله والرسول ظاهرا وباطنا، وأكمل الناس حياة أكملهم استجابة لدعوة الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد بيّن الله عز وجل في غير موضع في كتابه العزيز أن الحياة الحقيقة في شرعه ومنهجه، والذي لا يستجيب لشرعه فهو ميت، وإن يحظى بحياة البهائم التي تقتصر على شهوة البطن والفرج، بل بيّن سبحانه أن من مات وهو مستجيب لربه فهو حي، وإن لم يكن بين الناس، وشبّه سبحانه من لم يستجب لشرعه بالميت وإن كان ظاهره الحياة، فقال تعالى في سورة فاطر " إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور " فالحياة الكاملة في الإستجابة الكاملة، وحظ العبد من هذه الحياة على قدر إستجابته.
وما وصل الجيل الأول إلى ما وصل إليه إلا بتحقيق هذه الأمر وهو الإستجابة لله والرسول صلى الله عليه وسلم فلما كانت إستجابتهم كاملة، كانت لهم الحياة الكاملة، وكانت لهم الرفعة والسيادة على أباطرة الأرض، فلا تجد في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من يسأل عن الحكمة من الأمر أو النهي، ولا تجد فيهم من يؤجل فعل المأمور وترك المحظور، ولكن إذا سمعوا أمرا عن الله تعالي أو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بادروا بالتنفيذ دون لجاجة أو تردد، دون فلسفة وسؤال ما الحكمة؟ وما الدليل؟ دون تنطع بالقول وتفلسف بقول أريد أن أقتنع، وإنما كانوا كما قال الله عز وجل فيهم كما جاء في سورة النور " إنما كان قولهم إذا دعوا إلي الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون "
ويكفيهم فقط أن يعلموا أن الله تعالي أمر أو نهى، أو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أو نهى، ويأتي أحد المشركين لأبي بكر الصديق رضي الله عنه فيقول له "هل لك إلى صاحبك يزعم أنه أُسري به الليلة إلى بيت المقدس؟ قال أو قال ذلك؟ قالوا نعم، قال لئن كان قال ذلك لقد صدق، قالوا أو تصدقه أنه ذهب الليلة إلى بيت المقدس وجاء قبل أن يصبح؟ قال نعم، إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك، أصدقه بخبر السماء في غدوة أو روحة" فهذه الجملة على وجازتها تصلح أن تكون منهاجا للمسلم في التعامل مع نصوص الكتاب والسنة، كما تكشف محور الصراع مع تلك الشرذمة من العلمانيين والمشككين.
فالذي يكفي المسلم هو التحقق من صدق المقالة عن الله تعالي وعن رسوله المصطفي صلى الله عليه وسلم، فإن تأكد من صدقها فليس له أن يجادل، أو يتفلسف، ليس له أن يتأخر عن الإستجابة إن كانت في مقدوره، فهذا هو المسلم الحق الذي يحيا الحياة الحقيقة التي ذكرها رب العزة جل في علاه تعالى كما جاء في سورة النحل " من عمل صالحا من ذكر أو أنثي فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ".
إضافة تعليق جديد