رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الجمعة 20 سبتمبر 2024 2:41 م توقيت القاهرة

الوحدة تفقد الإنسان عقله

 
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله مُعين الصابرين، أحمده سبحانه يكشف الهم ويزيل الغم عن المكروبين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، سيد الصابرين وإمام المتقين، اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد إن الصداقة ركن مهم في حياة الإنسان‏، لا ينبغي له أن يغفلها‏، فنحن نحتاج إلى دعم نفسي في رحلة الحياة‏ ونحتاج من يشاركنا لحظة الألم‏، ولحظة الفرح‏، ولحظة الزهو والنجاح ‏ونحتاج إلى كلمة تشجيع تداوي الجراح‏، وتساعد عند الإحساس بالضعف، فالوحدة تفقد الإنسان عقله، والصديق مهمته جليلة، فهو يحافظ على التوازن النفسي للإنسان، وقيل إن نسبة الوفيات ترتفع عند الأشخاص الذين لا يسعون إلى تكوين صداقات، أو الذين لديهم عدد محدود من الأصدقاء. 

بل إنهم يكونون أكثر من غيرهم عرضة لأمراض القلب والسرطان والتوتر النفسي والشعور بالاكتئاب، وتنحدر الصداقة من الصدق، والصدق عكس الكذب، فالصديق هو من صدقك، أما الذئاب وهم كثر فيتزينون بزي أصدقاء وهم براء من الصداقة، نواياهم سيئة وحبهم رياء وكذب وإنهم وصوليون لا أكثر ولا أقل، ترى واحدهم كما يقول الشاعر يعطيك من طرف اللسان حلاوة ويروغ منك كما يروغ الثعلب، وحكى الواقدي المؤرخ الشهير قال كان لي صديقان أحدهما هاشمي والأخر نبطي، كنا الثلاثة كشخص واحد، وقد ألمت بي ذات يوم ضائقة شديدة، وحضر العيد فجاءت امرأتي إلي وقالت أما نحن أنا وأنت فنصبر على البؤس والشدة، وأما صبياننا هؤلاء الصغار فقد قطعوا قلبي رحمة لهم لأنهم يرون صبيان الجيران. 

وقد تزينوا في عيدهم وهم على هذه الهيئة الرثة، فإعمل على أن نتدبر مالا بسرعة كي نشتري لهم ثيابا لهذه المناسبة، قال فكتبت لصديقي الهاشمي أساله المساعدة، فبعث إلي كيسا مختوما ذكر أن فيه ألف درهم، ولم أكد أهم بفتح الكيس حتى وصلتني رسالة من صديقي الآخر النبطي يسألني فيها المساعدة، فأرسلت إليه الكيس الذي بين يدي كما هو وخرجت إلى المسجد، وأقمت ليلتي متجنبا أن أواجه امرأتي بواقع ما فعلت، ولما عدت إليها بعد ذلك وأخبرتها بما حصل استحسنت الأمر ولم تعنفني فيه، وبينما أنا كذلك، إذ قرع بابي صديقي الأول الهاشمي وفي يده الكيس نفسه الذي كان قد أرسله لي، وأرسلته أنا إلى صديقنا النبطي، قال صديقي الهاشمي وهو يضع الكيس بين يدي.

أخبرني عما فعلته بهذا الكيس الذي أرسلته إليك، لقد أرسلت إلي تطلب مالا، وأنا لا أملك على الأرض إلا ما بعثت به إليك، وقد أرسلت إلى صديقنا النبطي أسأله المساعدة فبعث إلي بكيسي الذي أرسلته أنت إليه، وختمي ما يزال عليه، أدهشني جدا ما رواه صديقي الهاشمي، ولم أدري ماذا أفعل بهذا المال العائد إلي، ثم إني اهتديت إلى أمر ففتحت الكيس وأعطيت لامرأتي مائة درهم، وقسمت ما تبقى مع صديقي الآخرين، فحصل كل منا على ثلاثمائة درهم وقد علم الخليفة المأمون بهذا الذي حدث لي فاستدعاني إليه، وطلب مني أن أروي له قصتي مع صديقي ففعلت، فأمر لنا بسبعة آلاف دينار منها ألف للمرأة، وألفان لكل واحد منا، فاللهم صل وسلم وبارك على عبدك ونبيك محمد، وارض اللهم عن خلفائه الأربعة أصحاب السنة المتبعة، أبي بكر، وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الآل والصحابة، وعنا معهم بمنك ورحمتك يا أرحم الراحمين.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.