رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الأربعاء 10 سبتمبر 2025 3:18 م توقيت القاهرة

بروتوكول حل المشكلات

د/أحـمـد مقـلـد 
هل واجهتك مشكلة معينة في حياتك؟ هل استصعبت مشكلة كانت تؤرقك؟ هل لازلت تسعى لتطوير قدراتك على الخروج من جدران التيه في البحث عن حلول لأي مشكلة وبسهولة شديدة؟ 
ومن خلال قصة بائع التين ورئيسة الحي، فقد كانت رئيسة الحي تمر بمحيط عملها، وحين لاحظت المخالفة في شخص بائع التين الشوكي ومخالفته للقانون وخروجه عن نطاق الالتزام بالقواعد المنظمة لتواجد الباعة الجائلين في الشارع، لذا فقد قامت بالتعامل المباشر مع الحدث، وذلك حفاظاً على هيبة الدولة وقوة القانون الذي تمثله.
ولكن لم يشغلنا الظرف النفسي والالتزامات الاجتماعية لبائع التين، حال مرورها، وأثناء قيامها بإزالة المخالفة بنفسها، وربما قيل المخالف قد أخطأ وتجاوز في حقها ولكن ومن الناحية الأخرى لم نعرف ما هي المشكلة التي تشغل بال المخالف هل هي المخالفة أم ظروفه الطاحنة له ولأسرته وعائلته التي تعيش على قوت يومه والذي يلبي بالكاد طلبات الأسرة ويحفظ لهم الحياة، ولنعلم أن المخالف ما أختار التعامل مع التين الشوكي إلا لصعوبة حصوله علي فرصة عمل مناسبة أو لظروف حياته الأصعب من الشوك.
ولكن الشاهد من هذه الواقعة والذي يمكن أن نستفيد منه ما يلي:
• الوطن يتسع للجميع وحق الدولة مصان، وجميعنا نقع تحت مظلة القانون ونعيش في دولته ويجمعنا فيه روابط مشتركة منها الحرية، والمسئولة، والاحترام المتبادل، والحوار الهادئ، واحترام القانون والقائمين على تطبيقه. الخ.
• المخالفة ثابتة والمخالف لابد أن يقر بمخالفته وإحساسه بكونه مخالف للقواعد المنظمة لعمل الباعة الجائلين.
• الحوار الهادئ هو السبيل الوحيد للحوار البناء.
• رئيسة الحي موظفة وسلطاتها ليست مطلقة لذا فمنوط بها إنذار المخالف وتوجيهه لإزالة الإشغالات، وطلب الدعم من الجهات المختصة لإثبات الواقعة والتعامل مع المخالف بشكل يحترم إنسانيته ويراعي تحقيق المصلحة المشتركة لتطبيق الإجراءات القانونية المنظمة لتوفير لقمة العيش للمواطن. 
• المواطن شغلته لقمة العيش ولم يشغله ألم المخالفة وما يعقبها من عقوبة، لذا كان حري برئاسة الحي أن توفر له المكان المخصص لتواجد الباعة الجائلين وليس محاربة الباحثين عن لقمة العيش.
• فهذا المواطن قنبلة موقوتة لكونه محمل بمتطلباته ومتطلبات أسرته واولاده لضمان الحياة الكريمة لهم لذا كان من الأفضل أن يتم أحتواء الأزمة والإبقاء على لغة الحوار لبناء جسر من التواصل أو ما يعرف بشعرة معاوية.
ويطيب لي في هذا الموضع أن أوضح قصة شعرة معاوية (يقال إن أعرابيا سأل معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه-: كيف حكمت الشام أربعين سنة ولم تحدث فتنة والدنيا تغلي؟ فقال معاوية: إني لا أضع سيفي حيث يكفيني سوطي ولا أضع سوطي حيث يكفيني لساني، ولو أن بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت، كانوا إذا مدوها أرخيتها، وإذا أرخوها مددتها، وللعلم «شعرة معاوية» يضرب بها المثل في اسلوب التعامل بين الناس ومجاراتهم في التعامل من خلال توظيف الحكمة والسياسة).
والآن نوضح بروتوكول حل المشكلات:
• المشكلة تحدث عند فقد زمام السيطرة على الذات والتحول من لغة المنطق إلى لغة إثبات الذات.
• عدم التسرع في اتخاذ القرارات ولابد من التدبر في بدائل الحلول الممكنة للخروج من المشكلة بأكبر مكسب وأقل الخسائر، ولو استدعى الأمر المشورة فلا مانع من ذلك وفق مقتضى الضرورة. 
• السعادة ليست فقط في تطبيق القواعد ولكن في تطبيق الغرض الذي وجدت من أجله القوانين وهو حفظ الوطن وحماية أمن وأمان المواطن. 
• الوظيفة العامة تاج يزين حاملها ولكنها تتطلب أن نرعي من حولنا فمن لم يرحم لا يرحم. 
• السلطة قد تمكن صاحبها من فرد السطوة ولكنها لا تمكنه من أن يصبح قادر على الحل والحكمة تقتضي أن نتخطي حدود ظروفنا الشخصية فنحن لا نعيش في قصر عاجي وبمعزل عن منغصات حياة المواطن البسيط.
• الدولة قيادة وإدارة يشغلها رضا المواطن وحفظ حياته واحترام حقوقه وصون حريته وكرامته فكيف لنا أن نقبل أن نتبادل الإهانة ونتغافل اسلوب حل المشكلات ويكون محور الارتكاز هو رد الفعل للمواطن وليس بداية الفعل.  
• الاستعانة بلعبة تمثيل الأدوار عند وضع مقترحات اتخاذ القرار والمثل الشعبي يقول (ما لا تقبله على نفسك لا تقبله على غيرك).
• في لحظة حدوث مشكلة يمكن مراجعة الرؤساء التنفيذيين ليكون توجيههم إرشاد وتوجيه لتنفيذ رؤيتهم وإقرارها أو التعديل عليها ليكون هناك مسئولية مشتركة للحل.
• الإدارة الرشيدة تعتمد على الشباب المؤهل نفسياً وعلمياً وعملياً ومعرفيا ليتعامل مع متغيرات المواقف وفق رؤية وبصيرة وبحكمة. 
ونحن نختم حديثنا حول فن التعامل مع المشكلة وكيفية علاجها أود أن أشارككم معلومة مهمة، وهي أن المشكلة ليست البداية ولن تكون النهاية والحل ليس سبيل العلاج فقد يكون هناك مشكلة رئيسية ويتفرع منها مشكلات ثانوية، لذا وفي حديثنا القادم نتعرف على الفرق بين المشكلة والكارثة والحادثة والأزمة وتعريف كل نوع وتحديد الفرق بينهم وكيفية التشخيص والعلاج والخطط المستقبلية للحل.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
2 + 18 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.