رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الأربعاء 10 سبتمبر 2025 4:29 م توقيت القاهرة

ترك الأثر بين الناس

 
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي أمر بالإجتماع ونهى عن الإفتراق، وأشهد أن لا إله إلا الله الحكيم العليم، الخلاق الرزاق، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، رُفع إلى السماء ليلة المعراج حتى جاوز السبع الطباق، وهناك فرضت عليه الصلوات الخمس بالاتفاق، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين نشروا دينه في الآفاق، ومن تبعهم بإحسان إلي يوم التلاق ثم أما بعد ينبغي علي المؤمن أن يحرص دائما على ترك الأثر بين الناس ليجزى به في الآخرة، فيكون حاله في هذه الدنيا بين نشر العلم النافع، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبين بذل الخير للناس، ولو تأملنا لوجدنا كثرة كاثرة في أعداد البشر الذين مروا في هذه الحياة، ثم أصبحوا في الغابرين، فكان من بينهم أقدام تلاشت معالمها، وذهبت آثارها، وأخرى ما زالت آثارها باقية، ومعالمها ظاهرة، قد ارتحلوا. 

لكن بقي ذكرهم الحسن يملأ الدنيا، وفي ذلك كانت دعوة نبي الله إبراهيم عليه السلام " واجعل لي لسان صدق في الآخرين "  فقد طلب الخليل من الله تعالي أن يجعل له ذكرا حسنا بين عباده المؤمنين، وأثرا طيبا تهتدي به الأجيال القادمة من المؤمنين إلى قيام الساعة، وقد قال الرافعي "إذا لم تزد شيئا على الحياة، كنت زائدا عليها " وهذه عباد الله وقفات يسيرة أشير فيها إلى شيء من الصور لصناعة الأثر الطيب تذكيرا بها وحثا على الإهتمام والنزع منها لنكون في ذلك الركب المبارك، فمن الآثار المباركة الطيبة التي تبقى شاهدة للعبد في حياته وبعد موته بخير، هو تعليم العلم النافع مما يحتاج إليه لإقامة الدين من أركان الإسلام والإيمان على الوجه الذي يرضاه الله تعالى، والصبر على ذلك، وبذل الجهد ومجاهدة النفس بإخلاص النية لله تعالى وحده والدار الآخرة بهذا التعليم. 

حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم "فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم، إن الله عز وجل وملائكته وأهل السماوات والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير" رواه الترمذي، فهنيئا لمن سخر جهده ووقته لتعليم الخير وتفقيه الناس في دينهم الأجور العظيمة، والآثار الطيبة في حياته وبعد مماته، فليبادر المسلم باللحاق بركبهم ولو بتعليم العامة خاصة العمال والخدم والسائقين ما يحتاجون إليه من صفة الصلاة والوضوء وغير ذلك من العلم النافع الذي يبقى أثره في الحياة وبعد الممات، فإن للمعلم أجرا كأجر العمل الصالح الذي يعمله المتعلم من غير أن ينقص من أجره شيء، وكما أن من الآثار المباركة الطيبة التي تبقى شاهدة للعبد في حياته وبعد موته بخير هو تعليم كتاب الله تعالى وتدريسه، فهو خير ما بذلت فيه الجهود والأوقات. 

فلئن كان التالي للكتاب العزيز ينال بكل حرف يتلوه حسنة، والحسنة بعشر أمثالها كما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن لمعلمه مثل أجره حين يقرأ من غير أن ينقص من أجره شيء، وإن رأس الخيرية والفضل تعليم كتاب تعالى، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم "خيركم من تعلم القرآن وعلمه " رواه البخاري، فخير أثر يتركه العبد بعد موته تعليمه لكتاب الله تعالى ليستمر أجره حسنات مثل حسنات كل من قرأ ممن علمه كتاب الله تعالى، فالله الله بإغتنام هذا المورد العظيم للآثار المباركة في الحياة وبعد الممات، فكم من إنسان لديه أولاد صغار لم يستثمر فيهم تعليم كتاب الله تعالى منذ نعومة أظفارهم لينال من الأجور مثلهم كلما قرأوا كتاب الله تعالى، وفرّط في هذا الخير العظيم وتجاهله، وغنمه من علمهم، ومن لديه خدم أو عمّال يجهلون كثيرا من كتاب الله تعالى. 

ويخطئون في تلاوته، ما أجمل أن يسعى من يريد الخير لنفسه والأثر الطيب في الحياة وبعد الممات بتعليمهم كتاب الله تعالى ولو قصار السور، وأولها سورة الفاتحة لترك أثر طيب له في حياته وبعد مماته، كما أن المشاركة في دعم حلقات تحفيظ القرآن الكريم المنتشرة بالمساجد بفضل الله في بلادنا بالمال وكفالة معلم القرآن له أثر في إستمرار هذا الخير، وهو من الآثار المباركة التي يتركها المسلم قبل الرحيل، فهو بإذن الله تعالى شريك في هذا الخير العظيم.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
5 + 15 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.