قال تعالى : ( ٱلْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰٓ أَفْوَٰهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَآ أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ )
صدق الله العظيم
حقا انه لأمر عظيم وعجيب، ربما لو وقفت لحظات أمام هذه الآية وقرأتها بتفكير وتدبر لصار الرأس شيبا من هول ماكان فيها ومن هذا المشهد الذي ذكره وصوره لنا الخالق عز وجل، حيث فيه يختم الله على الأفواه، ولاينطق اللسان، بل جعل الله للأعضاء لساناً ينطق بما كانت تفعل، فلاكذب يكون منهت مثلما كان يكذب اللسان ولاحيلاً تتحايل بها حينها غير ماكانت تكسبه هذه الأعضاء من أفعال كانت منها في الدنيا لتبقى منسوخة عليها هذه الأفعال الى ان ينطقها الله .
لكن كيف تنطق هذه الأعضاء وهل لها ذاكرة تُنسخ عليها جميع الأفعال ؟
ستناول في مقالنا عدة عناصر ومنها :
1- كيف يعمل المخ ؟
2- هل هناك اختلاف بين مخ العاقل ومخ المجنون ؟
3- هل هناك نسخ مما يفعله الإنسان تظل في ذاكرة الأعضاء ومنسوخة عليها ؟ وهل لهذه الأعضاء ذاكرة ؟
4- لماذا لايحاسب الله المجنون ؟
5- متى تحدث عشوائية في ترتيب الأحداث ومتى يفقد الإنسان القدرة على التحكم والسيطرة على ماتم تخزينه بالمخ والأعضاء؟
6-لماذا كان النطق من الأعضاء أصدق من النطق باللسان ؟
ولإحتواء موضوعنا على العديد من العناصر وحتى لانرهق القارئ سوف نتناول الموضوع على عدة اجزاء .
ومع اللقاء الأول نتحدث
اولا: ربما جلست أمام التلفاز لتشاهد جماداً يتحدث ويعرض صورا مصحوبة بحديث لمن يقوم بالأدوار لمسلسل او أحد الأفلام أو لقاء مع أحد الضيوف في برنامج ما تم تسجيله منذ فترة لتراه انت أمامك، متسائلاً ومتعجباً كيف لعناصر معدنية وهي مكونات هذه الدوائر الإكترونية تستطيع أن تستقبل عبر بث تلفزيوني ينقل إليها ثم تعيده أو تخزنه وتحتفظ به مثلما كان لبرامج الكمبيوتر ولاتفسد إلا بإصابتها بفيروسات تتلف محتوياته وتتلف ذاكرة هذه الأجهزة .
ربما كان التعجب أكثر تعقيدا ويبدو جليا حينما نرى أحد الأشخاص وهو يخضع لعملية جراحية تحت تأثير مخدر نصفي حاول أن يحرك قدميه قبل أن تتأثر بهذا المخدر تأثيرا كاملاً ثم راح محاولاً تحريكها مرة آخرى أثناء تأثير المخدر فلاتستجيب له رغم أن ذاكرتها تحتوى على أمر مباشر من المخ للتحريك ولكنها فقدت رد الفعل لهذا التحريك، وتسأل لماذا يحدث ذلك وماهو سببه ؟ ولاتعرف الإجابة لما يدور في هذا العضو .
ربما كنت في زيارة لأحد الأشخاص الذين أصيبوا بحادث ورأيت شدة انفعالهم بإشارات من يديه تشير لشيء يراه رافعا هذه الأيدي لأعلى ظناً منه بأنه يدفع هذه السيارة التي أصابته بالحادث أو الدراجة البخارية التي دفعت به بعيداً دفعاً قوياً فهشمت قدميه وجرحت رأسه جرحا عميقاً ومزقت جلد بطنه، وجعلته يصتدم بالأرض، وتسأل : لماذا هذا الفعل منه وهل يدرك مايفعله حينها ؟ ولاتجد في نفسك لهذا السؤال جواباً .
ربما رأيت شخصاً ما كان يتمتع بالذكاء وتحول فجأة ودون سبب معروف أو كان بسبب تعرضه لصدمة نفسية وقد صار شخصاً غير ماكنت ترى منه من تصرفات، حيث صار مجنونا راح يثرثر بكلمات مما كان يفعله قبل ان يصاب بهذا الجنون، وتسأل ماذا حدث له ؟ ولماذا ينطق بأفعاله السابقة دون تحكم منه فيما يقول ؟ ولاتعرف لهذا السؤال جواباً .
ربما خضع أحد الأهل لعملية جراحية تم إعطاؤه مخدراً ذو ثأثر كامل على جسده وبات ينطق بخفايا أسراره التي كم كان من قبل يحرص على عدم البوح بها لكن انفلت الأمر منه وفقد القدرة على الإحتفاظ بما كان لديه من أسرار، وراح ينطق بآخر ماكان يفعله قبل أن يفيق من هذا المخدر مباشرة، وتسأل ماالذي جعله هكذا ؟ ولاتجد في نفسك جواباً لهذا السؤال .
وللإجابة على كل هذه المشاهد علينا أولا أن نوضح بعض الأمور والتي ضمن محتواها عناصرنا التي سبق وأن ذكرناها في بداية مقالنا .
أولا هل هناك فرق بين العقل والمخ ؟
والجواب نعم هناك فرق بين العقل والمخ، فالمخ هو مجموعة من الخلايا العصبية المرتبة ترتيباً محكماً بحكمة بالغة بقدرة الخالق عز وجل، والمتصلة اتصالاً يجعل عملها في تكامل، لكن ومن وجهة نظري أن هذا المخ ليس هو مركز التحكم الرئيسي الأول في جسم الإنسان، لكن العقل هو المركز الرئيسي المتحكم في جميع الأفعال (وقبل أن تشير بيديك رافعاً أصابعك تجاهي واتهامي بجهلي وعدم الإطلاع جيدا على ماأتى به العلماء من علم وعلوم بخصوص هذا الأمر) لكن علينا وقبل أن نكمل الحديث أن نسأل أولا عن مجموعة من الأمور وهي
ماهو العقل؟ وكيف نتصوره ؟
ذكرنا أن المخ هو يتركب من خلايا عصبية مرتبة ترتيبا محكماً متصلة بتلافيف عصبية قادمة من نهايات الجهاز العصبي والمتصل الأخير اتصالاً مباشر بكل عضو من أعضاء الجسد وخلاياه والمتصلة هناك فيها بنهايات عصبية أيضا،
أما العقل (ومن وجهة نظري الشخصية ) فهو يدل على التكامل والترتيب بين هذه النهاية والتلافيف العصبية الأمر الذي يجعل مع تكاملها التحكم والقدرة على اتخاذ القرارات في هذا المخ ونقاطه، فهذا التكامل الغير منفرد يجعل العقل يخبر المخ عبر الجزء المسؤل عن التفكير فيكون التفكير وكذلك من هذا الترتيب والتناسق والتكامل يجعل المخ قادرا على التذكر والتخزين والإسترجاع لم تم تخزينه من الذكريات .
وبالتشبيه يكون الشيء الغامض أكثر وضوحا، فالمخ والعقل يشبهان في عملهما غرفة طوارئ منعقدة بصفة دائمة لإدارة أمور دولة بكامل أجهزتها، وفيها الأعضاء كل عضو يمثل جهازا في هذه الدولة، وهم مايشبه المخ بكامل عددهم المسبق الاتفاق عليه، أما مايتخذه الأعضاء من قرارات ويتفق عليها الجميع بإجماع حتى وإن لو كانت تخص جهازا يمثله عضو بهذه الدولة فذا القرار يشبه العقل وغياب أحد الأعضاء لايجعل لهذا القرار صلاحية التنفيذ وهذا نفس عمل العقل .
ولنا على مانقول شهود
لو كان مركز التحكم الأول هو المخ لما رأينا هذا الذي يفقد عقله يقف في منتصف الطريق ولايعي مدى الخطر الذي قد يصيبه من اصطدام سيارة تمر بسرعة لجسده لكن كان هذا الوقوف كان لخلل في ترتيب هذه الخلايا والتلافيف العصبية في قشرة دماغه ففقد المخ القدرة على التحكم في اتخاذ قرار الإبتعاد عن الخطر الذي يصيبه .
وهذا الطفل الذي راح يأكل ولأننا أردناه أن يأكل بأي طريقة كانت وقد قمنا بإعطاءه هذا الهاتف حتى يتناول الطعام دون تذوقه وهو يمضغه فلايلقى به لخارج فمه مرة آخرى، وكذلك حين إعطاءه هذا الدواء المر لنشغله ايضا قمنا باعطاءه الهاتف حتى لايتذوق مرارة الدواء فيرجعه خارج فمه .
وهذا الذي يرتدي ملابس خفيفة جدا لاتحميه من برد الشتاء دون عقل ولاوعي منه للخطر الذي قد يصيبه .
ففي كل من الحالات السابة فقد الطفل حاسة التذوق فمضغ الطعام وقام ببلعه وابتلع الدواء رغم مرارته وهذا الأخير الذي صار دون الشعور يخطر البرودة للجو وماكان منهم جميعا لأفعال رأيناها غريبة سوى سبباً لفقدان تناسق خلايا المخ في اتخاذ القرار فكانت واحدة من حواسه هي التي تعمل بتركيز ألا وهي حاسة البصر
ولنا مع الحديث بقية ان شاء الله ونكمل في لقاء قادم حيث نتعرف في هذا اللقاء على كيفية نسخ الأفعال في الأعضاء والمخ .
إضافة تعليق جديد