بقلم / ياسر عامر
جلس الملك والحزن يملئ عينيه فمنذ أن تولي حكم المملكة، بعد انقلابه على والده وتمرده عليه، في ثورة بيضاء أبقي والده في إحدي المستشفيات الخاصة بالصحه النفسية، بعيدا جدا عن المملكة، وأودع السجون من كان يحكم مع والده باخلاص، ليس لوالده ولكن لمصالحهم الخاصة وضيعاتهم وأراضيهم.
ولكن المملكة على فوهة بركان فالوزراء الجدد جهلاء ولم يكن يحلمون بمثل هذا المنصب، وهناك سوء توزيع للثروات، فرغم أن المملكة غنيه بثرواتها إلا أن الضرائب تلهب ظهور الشعب كالسياط السوداني، والأغنياء يأخذون حقوق الفقراء، وإنقسمت المملكة إلي قسمين فقط أثرياء، وشحاتين فالأغنياء يستعبدون الشحاتين، ويستخدمونهم أداة في أيديهم للضغط على الملك والوزراء، أو للمتاجرة بفقرهم في أحيانا أخري.
الملك بريئ بأفكاره يريد الخير لشعبه ولكنه عديم الخبرة بالحكم، ويخشي بطش الحراس والعسكر فمنهم من لا يزال يدين بولاء كامل لوالده، ومنهم من لا يدين بأي ولاء لأحد، هو حاول رشوتهم بالمال ولكن سريعا ما يطلبون المزيد.
الأغنياء يرفضون المساعدة وعلاقاتهم متوطدة باعداء المملكة أكثر من أصدقائها يحكمهم قانون المال فقط.
وفي وسط بحر تفكيره وهو يكاد يغرق فيه في شرفة القصر الملكي، لاحظ رجلا فقيرا يحمل جوالا على ظهره وكل عدة أمتار يقف ليهز الجوال ثم يرفعه ويتابع سيره من جديد.... احتار الملك في الأمر واشار لحراسه صائحا بهم إئتوني به أحدثه بنفسي.
فلما أتوا به وقف الرجل بثيابه القذرة الرثة، أمام الملك وهو رابط الجأش رغم بؤسه واثق الخطي رغم عجزه ، لم تزغ عنه ونظره مصوب كالمدفع في وجه الملك ، إحتار الملك لأمر الرجل، ولما قام الحراس ورجال مخابرات الملك، بفتح الجوال لإجراءات التأمين المعتاده وجدوا الجوال مليئ بالفئران الحيه.
وتعجب الملك أكثر وأكثر واحس الحكمة من وجه الرجل الغامض الغريب فقال الملك نصف وزن جوالك ذهبا وفضة لو حدثني وأصدقتني ما قصتك؟ وما قصة الفئران؟
بدأ الرجل الحديث وكأنه خطيب يا مولاي الملك انأ رجل فقير أتاجر في الفئران منذ ما يقرب من 300 عاما أجمعهم من المنازل والحقول وأبيعهم بشرط أن يكونوا أحياء إلا لن أتقاضي أجري ولضمان تسليمهم أحياء وضمان أجري، رأيتني يا مولاي أقف بعض الوقت لأهز الجوال حتى تتخانق الفئران وتتصارع مع بعضها على البقاء أحياء بدلا من أن تتحد ضدي وتمزق الجوال باسنانها وأظافرها وتهرب بعد التعب.
الملك: ومن اين أتيت بهذه الحكمة البالغه للسيطرة على الفئران؟
تاجر الفئران: من الفئران أنفسهم يا مولاي.
وماذا تعلمت أيضا للسيطرة على مجتمع الفئران؟
تعلمت أن ابقيهم في صراع دائم، وألا اجعلهم يشبعون فلو سمنوا سياكلوني او ياكلوا بعضهم بعضا واخسر نقودي...وان أجعلهم دائما يحتاجون لي لأني من يطعمهم، وأن اقلل كميات الطعام حتى أجعلهم خائفين دائما على طعامهم، وكل فترة أخيفهم وأرعبهم بأن أحضر لهم قط شرس وأجعله يأكل فأرا أمامهم فيكونون طوع أمري ويخافون مني دائما.
على الفور أمر الملك بأن يأخذ الفقير مكافأته التي وعده بها ونادي على وزرائه الذين جاءوا منصاعين لأوامر ملكهم.
إضافة تعليق جديد