متابعه/ضاحى عمار
أظهرت بيانات البنك المركزي الصادرة مؤخرا، استمرار تراجع صافي الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر للعام الثاني على التوالي، خلال العام المالي الماضي، مسجلا أدنى مستوى له في آخر 5 سنوات، وهو ما أرجعته بنوك استثمار إلى أسباب بعضها عالمية، وأخرى محلية
وبحسب بيانات البنك المركزي، عن ميزان المدفوعات، سجل صافي الاستثمار الأجنبي المباشر خلال العام المالي الماضي نحو 5.9 مليار دولار مقابل نحو 7.7 مليار دولار خلال عام 2017-2018، وذلك بنسبة تراجع 23.5%.
وقال بنك استثمار برايم، في تقرير له أمس، إن "انخفاض الاستثمار الأجنبي المباشر للعام الثاني على التوالي، على الرغم من تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي بنجاح، جاء كنتيجة لانخفاض تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر عالميا تحت وطأة تنامي مخاطر الاقتصاد العالمي، وتصاعد نزعة الحماية التجارية".
واتفق بنك استثمار شعاع، في تقرير حديث له، مع برايم، موضحا أن من بين الأسباب التي أدت لتراجع الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر: "التوترات التجارية العالمية والتي عادة ما تحد من تحركات رأس المال".
وتتصاعد التوترات التجارية عالميا في الفترة الأخيرة مع سعي الولايات المتحدة إلى إعادة صياغة موقفها التجاري وإجراء اتفاقات جديدة بينها وبين العديد من الدول والأسواق ترى أنها ستكون أكثر عدالة، وهو ما أدى أثناء ضغطها في المفاوضات بينها وبين هذه الدول إلى تصاعد نزعة الحماية التجارية وحدوث توترات خاصة مع الصين.
وبحسب تقرير لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد"، تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر عالميا بنسبة 13% خلال عام 2018، حيث انخفضت التدفقات الاستثمارية من 1.5 تريليون دولار في السنة السابقة عليها إلى 1.3 تريليون دولار.
ولكن التقرير ذاته أشار إلى أن أفريقيا نجت من تبعات الانخفاض العالمي في الاستثمار الأجنبي المباشر، وبلغ الاستثمار الأجنبي في القارة 46 مليار دولار عام 2018، بزيادة قدرها 11% عن العام السابق، وظلت مصر الأكثر استقطابا للاستثمارات الأجنبية بالمنطقة.
ورغم الظروف العالمية المحيطة وتراجع الاستثمار الأجنبي المباشر عالميا، اختار بنك "راند ميرشانت" مصر أفضل دولة للاستثمار في عام 2020 في قارة أفريقيا للعام الثالث على التوالي، بحسب تقرير له الشهر الماضي.
وقال البنك إن مصر احتفظت بمركزها على قمة قائمة أفضل 10 دول الأكثر جذباً للاستثمار في أفريقيا، وذلك في تقريره "أين تستثمر في أفريقيا 2020؟"، والذي يقوم على تقييم 6 قطاعات أساسية لتقييم الوجهات الأكثر جذباً للاستثمار.
وعلى المستوى المحلي، ذكر بنك استثمار "برايم"، أن من بين أسباب تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر، وجود اختلالات هيكلية طويلة الأمد تقف في طريق الاستثمار، ومنها استمرار البيئة الحالية ذات أسعار الفائدة المرتفعة، والترتيب العالمي المتدني لبيئة الأعمال.
وأضاف أنه رغم أن مصر كانت من بين البلدان الأكثر تحسنا في مؤشر البنك الدولي لسهولة ممارسة الأعمال، لكنها جاءت أيضا في مرتبة متأخرة، حيث احتلت المركز 120 من بين 190 دولة في المؤشر، كما تحتل مصر المرتبة 94 من بين 140 دولة في مؤشر التنافسية العالمي، التابع للمنتدى الاقتصادي العالمي، بحسب برايم.
وقال شعاع في تقريره، إن من بين أسباب تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر، الظروف المحلية المتعلقة بالارتفاع المتتالي لتكلفة الطاقة، والتعديلات الضريبية المستمرة، ما من شأنه التأثير على الاستثمارات الأجنبية خاصة في قطاعات غير التعدين والغاز الطبيعي الذي حظي بتدفقات كبيرة نسبيا نظرا للاستكشافات الجديدة.
وتسعى الحكومة في الفترة الأخيرة إلى إجراء العديد من الإصلاحات التي من شأنها رفع ترتيب مصر في التقارير الدولية، خاصة المتعلقة ببيئة الأعمال وسهولة ممارستها، من أجل جذب الاستثمار الأجنبي المباشر.
ورغم ترتيب مصر الـ 120، في تقرير سهولة ممارسة الأعمال لعام 2019، إلا أن مصر صعدت 8 مراكز في الترتيب بعد تنفيذ إصلاحات لتحسين مناخ الاستثمار وتبسيط الإجراءات في 5 مجالات هي تأسيس الشركات، والحصول على الائتمان، وحماية صغار المستثمرين، وسداد الضرائب، وتسوية حالات الإعسار (الخروج من السوق).
واستهدفت الإصلاحات في المجالات الخمسة المساعدة في خلق الوظائف، واجتذاب الاستثمار، وزيادة تنافسية الاقتصاد.
كما عمل البنك المركزي على خفض أسعار الفائدة في الفترة الأخيرة، حيث خفض أسعار الفائدة نحو 1.5% في أغسطس الماضي، ثم 1% في سبتمبر، ليصل مجموع الفائدة المخفضة خلال العام الحالي إلى 3.5%، ومنذ بداية عام 2018، إلى 5.5%، مقتربا من العودة بأسعار الفائدة إلى مستويات ما قبل التعويم.
وأعلنت الحكومة يوم الخميس الماضي، عن خفض أسعار الغاز، لمجموعة من الصناعات، من بينها الحديد والصلب، والأسمنت، والألومنيوم، والسيراميك، من أجل دعمها وتشجيعها، وتقليل التكلفة عليها.
وقال برايم: "سيظل قطاع النفط والغاز الهدف الرئيسي لتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، فانخفاض أسعار الفائدة وتنامي ثقة المستثمرين الأجانب في الاقتصاد المصري من شأنه أن يدعم تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى القطاعات الأخرى".
"ومع ذلك فإن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الداخلة تحتاج إلى أكثر من مجرد تحسن في أسعار الفائدة"، بحسب ما قاله برايم.
وأضاف: "هناك حاجة إلى إصلاحات هيكلية إضافية تعالج العوائق المزمنة للاستثمار، بما في ذلك الجهود المبذولة لتحسين بيئة الأعمال، ومرونة سوق العمل ومكافحة الفساد".
إضافة تعليق جديد