رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الثلاثاء 24 ديسمبر 2024 8:41 م توقيت القاهرة

تربية النفس علي العبادة.. بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد قيل أنه من أسباب إكثار النبي صلى الله عليه وسلم من الصيام في شعبان، أنه كان يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، فكان ربما شغل عن الصيام أشهرا فجمع ذلك في شعبان ليدركه قبل صيام الفرض، كأن يخرج في سفر أو في جهاد أو أنه قد يمرض فلا يصوم ثلاثة أيام من الشهر التي كان يصومها وهو متعود عليها، فكان يقضيها في شعبان، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان وهذا معروف، فلما فاته الإعتكاف مرة لعارض السفر، إعتكف في العام المقبل عشرين يوما ولذلك عنون عليه البخاري " الاعتكاف في العشر الأواسط" يعني أن الاعتكاف في العشر الأواسط، من رمضان أيضا مشروع.
إذن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا فاته شيء لا يضيعه ويتركه لفواته وإنما كان يستدركه، وهذا الإستدراك مهم في الإستمرار على العبادة، والحمد لله أن الشريعة فتحت لنا باب الإستدراك، حتى يحس الإنسان أنه عوض شيئا فاته، وكذلك من الأمور المهمة في العبادة وتربية النفس عليها، هو رجاء القبول مع الخوف من الرد، فإن بعض الناس إذا عملوا أعمالا وعبادات أصيبوا بنوع من الغرور أو الإغترار بالعبادة، وشعروا أن فيهم صلاحا عظيما وأنهم صاروا من أولياء الله تعالي، ولكن المسلم يخشى ألا تقبل عبادته، فهو يجتهد ويلتزم بالسنة ومع ذلك يخشى على نفسه، وروي عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية الكريمة.
" والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجله " هم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟ يعني يعملون أشياء ويخافون من الأعمال السيئة التي فعلوها، يعبدون الله ويتصدقون ويخافون مما عملوا من شرب الخمر والسرقة مثلا، فقال صلى الله عليه وسلم لا يا ابنة الصديق ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون وهم يخافون ألا يقبل منهم أولئك الذين يسارعون في الخيرات" رواه الترمذي وهو حديث صحيح، أي لا يا ابنة الصديق ليس ما ظننتيه ولكنهم الذي يسارعون في الخيرات منهم، ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون وهم يخافون ألا يقبل منهم " أولئك يسارعون في الخيرات " والخشية هذه من رد العمل مهمة، والمؤمن يجب أن يعيش بين الخوف والرجاء، مهما كثرت العبادة يخشى على نفسه لربما وقع في عجب أذهب أجره.
أو وقع في شيء من الرياء أو الإغترار، ثم إنه مهما عبد فلا يكافئ نعمة البصر، فأي شيء يظن في نفسه؟ ومن صفات المؤمنين هو إحتقار النفس أمام الواجب من حق الله تعالي، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام أحمد "لو أن رجلا يجر على وجهه من يوم ولد إلى يوم يموت هرما في مرضاة الله عز وجل لحقره يوم القيامة" كله عبادة متواصلة لا نوم ولا أكل ولا شرب، كله عبادات متواصلة في مرضاة الله عز وجل لحقره يوم القيامة، يعني بجانب ما يرى من الواجب عليه في النعم وحق الله يرى أن ما عمله طيلة حياته من يوم ولد إلى يوم يموت يراه لا شيء بجانب حق الله تعالي، ولذلك لا يمكن أن يكون المسلم مغترا بالعبادة مهما كثرت عبادته لأن من عرف الله عز وجل وعرف النفس، يتبين له أن ما معه من البضاعة لا يكفيه ولو جاء بعمل الثقلين، وإنما يقبله الله بكرمه وجوده وتفضله، ويثيب عليه بكرمه وجوده وتفضله.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.