اليوم : الثلاثاء الموافق 24 ديسمبر 2024
الحمد لله البعيد في قربه، القريب في بعده، المتعالي في رفيع مجده، عن الشيء وضده، الذي أوجد بقدرته الوجود بعد أن كان عدما، وأودع كل موجود حكما، وجعل العقل بينهما حكما، ليميز بين الشيء وضده، وألهمه بما علمه فعلم مرّ مذاق مصابه من حلاوة شهده، فمن فكر بصحيح قصده، ونظر بتوفيق رشده، علم أن كل مخلوق موثوق في قبضتي شقائه وسعده، مرزوق من خزائن نعمه ورفده، وأشهد إن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو علي كل شيء قدير، هو أول هو أخر هو ظاهر هو باطن ليس العيون تراه، حجبته أسرار الجلال فدونه تقف الظنون وتخرس الأفواه، صمد بلا كفء ولا كيفية أبدا فما النظائر ولا الأشباه، سبحان من عنت الوجوه لوجهه وله سجود أوجه وجباه وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمد عبد الله ورسوله.
وصفيه من خلقه وحبيبه، صلوا على هذا النبي الكريم تحظوا من الله بالأجر العظيم، وتظفروا بالفوز من ربكم وجنة فيها نعيم مقيم، طوبى لعبد مخلص في الورى صلى على ذاك الجناب الكريم وقد غدا من فرط أشواقه بحبه فـي كل واد يهيم، وعلي اله وأصحابه ومن سار على نهجه وتمسك بسنته وإقتدى بهديه واتبعهم بإحسان إلي يوم الدين ونحن معهم يا أرحم الراحمين ثم أما بعد إن من الأضرار الدينية لتعاطي المخدرات هو الصد عن ذكر الله تعالى وعن الصلاة التي هي عمود الإسلام ، وقرة عين خير الأنام صلى الله عليه وسلم، وكما أنها تذهب الحياء الذي هو شعبة من شعب الإيمان، وتضعف الإيمان وتورث الخزي والندامة، وكما أنها سبب في زوال النعم ونزول العقوبة والنقم، وسبب لسوء الخاتمة.
وكم رأينا صور أولئك وأحدهم يموت ورأسه في المرحاض أو نحو ذلك من الهيئات التي لا يرجوها عاقل في قلبه ذرة من إيمان فلا إله إلا الله، فماذا يقول هذا الذي قد لقي ربه وهو متعاطي للخمرة أو المخدر ؟ وبأي وجه سيقف بين يدي الله تعالى ؟ فقال الحافظ أبو محمد عبد الحق بن عبد الرحمن الإشبيلي رحمه الله واعلم أن لسوء الخاتمة أعاذنا الله منها أسبابا ولها طرق وأبواب، أعظمها هو الإنكباب على الدنيا والإعراض عن الآخرة والإقدام والجرأة على معاصي الله عز وجل، وربما غلب على الإنسان ضرب من الخطيئة ونوع من المعصية وجانب من الإعراض ونصيب من الجرأة والإقدام فملك قلبه وسبي عقله وأطفأ نوره وأرسل عليه حجبه فلم تنفع فيه تذكرة ولا نجعت فيه موعظة.
فربما جاءه الموت على ذلك، فسمع النداء من مكان بعيد، فلم يتبين له المراد ولا علم ما أراد وإن كرر عليه الداعي وأعاد، ويشمل تحريم الخمر جميع أنواع المسكرات، لقوله صلى الله عليه وسلم " كل مسكر خمر وكل مسكر حرام " رواه مسلم، وإذا تكرر من الشارب الشرب وهو يعاقب ولا يرتدع، فقد قال شيخ الإسلام " يقتل في الرابعة عند الحاجة إليه، إذا لم ينته الناس بدون القتل " وهذا عين الفقه والعلم لأن الصائل على الأموال، إذا لم يندفع إلا بالقتل قتل، فما بالكم بالصائل على أخلاق المجتمع وصلاحه وفلاحه، وأما عقوبته في الآخرة فقد قال صلى الله عليه وسلم " لعن الله الخمر وشاربها وساقيها ومبتاعها وبائعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه " رواه الترمذي وغيره.
إضافة تعليق جديد