رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الخميس 9 مايو 2024 12:20 م توقيت القاهرة

حلب تحترق.. ولا زال القصف مستمر

تقرير : محمود صبرى

قصفٌ عنيفٌ تتعرّض له مدينة حلب السورية على مدار عدة أيام، وتحذير أممي من وقوع كارثة إنسانية في المدينة التي اعتبرتها واحدة من أكثر المناطق تضررًا في الصراع المندلع منذ 5 أعوام.

القصف المستمر منذ أسبوع أدى إلى سقوط أكثر من 200 قتيل، وطال معظم الأحياء الواقعة تحت سيطرة المعارضة في الجزء الشرقي من المدينة، وشمل أحياء، الصالحين والسكري والكلاسة وبستان القصر والحيدرية وباب الحديد وتراب الغرباء والمواصلات وضهرةعواد وقاضي عسكر وباب النيرب والحرابلة والسكن الشبابي وبني زيد والأرض الحمرا وبعيدين وطريق الباب والمرجة والشعار وغيرها.

ونعى سكان حلب الهدنة السارية منذ فبراير الماضي مع تجدد المعارك في المدينة منذ أكثر من أسبوع بين فصائل المعارضة التي تقصف مناطق سيطرة النظام بالمدفعية والقذائف الصاروخية، في حين تشن قوات النظام غارات جوية على أحياء المعارضة.

الموفد الدولي إلى سوريا، ستافان دي ميستورا، حذّر في مؤتمر صحفي أول من أمس الأربعاء، من تصاعد العنف في سوريا وخصوصًا في حلب على الرغم من اتفاق وقف الأعمال القتالية، وأضاف: "خلال الساعات الـ48 الأخيرة يقتل سوري كل 25 دقيقة".

معركة حاسمة لاستعادة حلب

ذكرت وسائل إعلام سورية مقربة من النظام، أمس الخميس، أن قوات النظام أعلنت استعدادها لبدء "معركة حاسمة" في حلب، في وقت يستنجد الموفد الدولي ستافان دي ميستورا بموسكو وواشنطن لإنقاذ الهدنة المعمول بها منذ شهرين في البلاد.

وحسب الصحيفة، فإن جيش النظام يستعد لمعركة ضخمة لطرد المقاتلين من مدينة حلب عبر محاصرتها وإنشاء منطقة آمنة، لافتةً إلى ان القيادة السياسية والعسكرية أعطت فرصة للهدنة لحقن الدماء ومنحت التسوية السياسية فرصة سانحة في جنيف استجابةً لطلب الأصدقاء الروس، مع أن العمليات العسكرية قبل وقف القتال كانت تسير باتجاه حسم الصراع في حلب.

بداية المعارك

كانت البداية مع هجوم للفصائل المقاتلة، وبينها "أحرار الشام" و"فيلق الشام"، شمال تل رفعت، وذلك في محاولة لاستعادتها من "قوّات سوريا الديمقراطية"، وهي تحالف فصائل عربية وكردية على رأسها "وحدات حماية الشعب" الكردية (YPG)، المدعومة من النظام السوري، والمصنفة من قبل الولايات المتحدة وتركيا بأنها تنظيماً إرهابياً.

وسيطرت قوات حزب "الاتحاد الديمقراطي" الكردي (PYD)، في منتصف شهر فبراير الماضي على مدينة تل رفعت، التي كانت تعد أحد معاقل الفصائل المعارضة في ريف حلب الشمالي.

واستغلت قوات حزب "الاتحاد الديمقراطي" حينها هجوماً واسعاً لقوات النظام السوري في ريف حلب الشمالي لتتقدم على حساب الفصائل المقاتلة والإسلامية في المنطقة وتسيطر على مناطق عدة بينها مدينة منّغ ومطارها العسكري وتل رفعت.

تجدد القصف اليوم الجمعة على مدينة حلب شمال سوريا، حيث قُتل أكثر من 20 مدنياً، فيما ينتظر سريان اتفاق أميركي روسي للتهدئة على جبهات أخرى في الساعات المقبلة، في الوقت الذي علقت فيه صلاة الجمعة بالمدينة لأول مرة منذ 1400 عام.

ووفقًا لتقارير إعلامية، فإن مركزين طبيين في المدينة تم استهدافهما بصواريخ، ليرتفع إلى العدد إلى ثلاثة مراكز، والتي خرجت عن الخدمة خلال يومين، حيث دمرت براميل متفجرة المركز الطبي في حي بستان القصر بالكامل، كما أصيب عدة أشخاص بجروح في غارة استهدفت مستوصفاً في منطقة المرجة التي تسيطر عليها فصائل المعارضة في حلب.

ويأتي ذلك غداة مقتل العشرات في غارة استهدفت مستشفى ميدانياً في المدينة، حيث اعتبر أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون أنه "لا يمكن تبريرها".

تعليق صلاة الجمعة

في سابقة هي الأولى من نوعها منذ دخول الإسلام المدينة، أي قبل نحو 1400 سنة، عُلقت اليوم صلاة الجمعة في مساجد حلب، للحفاظ على أرواح المسلمين من قصف القوات الروسية وقوات النظام السوري للمدينة.

شهود عيان من أبناء سوريا أكدوا عدم إقامة الصلاة في المدينة لأول مرة، استجابة لدعوة المجلس الشرعي في محافظة حلب حيث دعا المواطنين لتجنب المساجد حفاظًا على أرواحهم.

وأوصى "المجلس الشرعي" في بيان له أمس الخميس، بتعليق صلاة الجمعة، وإقامة صلاة الظهر عوضاً عنها حفاظاً على أرواح المصلين، وذلك للمرة الأولى منذ انطلاق الثورة السورية، وذلك "نظراً للحملة الدموية التي يشنها أعداء الإنسانية والدين على محافظة حلب"، وفقًا للبيان.

ووفق بيان مشترك لمجموعة من "الهيئات الشرعية" في حلب، فإن هذه هي المرة الأولى بتاريخ حلب التي تلغى فيها صلاة الجمعة.

حلب تحترق

الأحداث في حلب طغت على اهتمامات رواد مواقع التواصل الاجتماعي في العالم العربي، حيث تشهد المدينة السورية تصعيدا في الهجمات العسكرية من جانب قوات النظام السوري المدعومة من موسكو من جهة، وقوات المعارضة السورية من جهة أخرى، وذلك على الرغم من وجود هدنة أممية لوقف إطلاق نار.

وحل هاشتاج #حلب_تحترق، أولا على مستوى تداول مستخدمي موقع “تويتر” بالدول العربية، بعدما اصطبغت آلاف الحسابات عليه باللون الأحمر، دلالة على دماء السوريين السائلة في حلب، وتضمانا مع المدينة السورية، ولتسليط الضوء على ما يحدث فيها والتنديد باستهداف المدنيين، على حد وصفهم.

وورد على الهاشتاج حوالي 200 ألف تغريدة قصيرة، على مدار الأربع وعشرين ساعة الماضية، وحتى كتابة هذه السطور.

وانتشرت مجموعة من الصور ومقاطع الفيديو على الشبكات الاجتماعية، كشفت حجم المجازر والقصف العنيف الذي ضرب المدينة، ودفعت رواد مواقع التواصل الاجتماعي إلى إطلاق هاشتاغ #حلب_تحترق، الذي حقق مركزاً متقدماً على تويتر في عدة دول عربية.

تحذيرات من نتائج كارثية

اللجنة الدولية للصليب الأحمر حذرت بدورها أمس الخميس من تصاعد أعمال العنف في حلب، خوفًا من تطور الأوضاع إلى كارثة إنسانية، وأشارت إلى أن "المعارك الضارية المندلعة في المدينة، التي شهدت دمار مستشفى رئيسي وخسائر فادحة في الأرواح، تدفع ملايين السكان نحو مخاطر كبيرة".

ويأتي هذا التحذير بعد استهداف طيران النظام لمستشفى القدس الميداني ومبنى سكنياً مجاوراً له في حي السكري، أول من أمس الأربعاء، ما أسفر بحسب الدفاع المدني عن مقتل 30 مدنياً، بينهم طبيب الأطفال الوحيد في الأحياء الشرقية.

وأكدت اللجنة أن دوي الانفجارات الناتج عن قذائف الهاون والقصف وأصوات الطائرات المحلّقة في السماء، يُسمع في كل مكان في المدينة، موضحةً بقولها: "لم تنج أي منطقة سكنية في المدينة من القصف، والخطر محدقٌ بكلّ السكان هنا".

تواطؤ دولي واستخفاف بحياة المدنيين

ندد المفوض الأعلى في الأمم المتحدة لحقوق الإنسان زيد بن رعد الحسين، اليوم الجمعة، باستخفاف جميع الأطراف بحياة المدنيين في سوريا، محذراً من انهيار الهدنة، كما اضاف أن "العنف يتصاعد بسرعة مهولة إلى مستويات شهدناها قبل الهدنة".

ولفت إلى أن جميع ظواهر العنف تشكل "إثباتاً جلياً على استخفاف يثير القلق إزاء إحدى ركائز القانون الإنساني الدولي، أي واجب حماية المدنيين"، داعيًا جميع الأطراف إلى وقف العنف، وتجنب العودة إلى الحرب الشاملة.

وقال المفوض الأعلى في الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، إن مجلس الأمن "مستمر في فشل المخزي في رفع ملف الوضع السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية، مشيراً إلى أن الدول النافذة أصبحت "متواطئة" في مقتل مئات الآلاف ونزوح الملايين.

تجاهل روسي أمريكي لأوضاع حلب

رفضت موسكو تجميد القتال في مدينة حلب ،على غرار ما حدث في اللاذقية وضواحي دمشق، في وقت زادت القوات السورية غاراتها الجوية على حلب، واستهدف عدد منها مستوصفا، وذلك في ثاني هجوم يطال منشآت طبية في المدينة خلال يومين، كما ارتفعت حصيلة الهجوم على مستشفى القدس في المدينة، وذلك وفقًا لوكالة فرانس برس.

واتفقت الولايات المتحدة وروسيا في وقت سابق اليوم على تجميد القتال في مناطق الغوطة الشرقية القريبة من دمشق وريف اللاذقية، على أن يستمر وقف إطلاق النار لمدة 24 ساعة في المنطقة الأولى و72 ساعة في المنطقة الثانية، وسيبدأ تطبيق الاتفاق بعد منتصف ليل الجمعة، وحمل الاتفاق اسم "نظام الصمت"، الذي لم يتطرق إلى مدينة حلب التي سقط فيها أكثر من 200 قتيل في الأسبوع الأخير.

مصدر أمني في دمشق قال للوكالة الفرنسية إن تجميد القتال يأتي "بناءً على طلب الأميركيين والروس الذين التقوا في جنيف لتهدئة الوضع في دمشق واللاذقية"، كما نقلت وكالة أنباء "ريا نوفوستي" الروسية عن مصدر دبلوماسي قوله إن موسكو وواشنطن اللتين تترأسان مجموعة الدعم الدولية لسوريا هما "الضامنتان لتطبيق نظام وقف العمليات" من قبل كل الأطراف.

سيل من التغريدات تواصل على مواقع التواصل الاجتماعية المختلفة، بعد استمرار أعمال العنف في مدينة حلب السورية، والأزهر الشريف وعلماء من المسلمين، نددوا بأعمال العنف هناك واستهداف المدنيين، وسط اتهامات بتواطئ دولي، إلا أن القصف ما زال متواصلًا، وسط تحذيرات من نتائج كارثية. فهل من مجيب، وهل من حلول لإنهاء هذه المجازر المستمرة بحق الشعب السوري!، الذي يعيش حربًا أهلية منذ 5 سنوات، خلفت حتى الآن نحو ربع مليون قتيل وأكثر من 3 ملايين مُصاب، فضلًا عن تهجير نصف الشعب السوري في الداخل والخارج.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.