عماد اسحاق
فى إطار افتتاح الدكتور خالد عنانى وزير السياحة والآثار لأعمال ترميم وتطوير المعبد اليهودى إلياهو النبى بالإسكندرية أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بمناطق آثار جنوب سيناء أن تاريخ المعابد اليهودية فى مصر يشكّل صفحة من تاريخ التسامح بين الأديان موضحًا أن معبد بن عزرا بمنطقة مصر القديمة بالقاهرة، كان أساسه كنيسة تحت مسمى كنيسة الشماعين تخطيطها على الطراز البازيليكى المستمد من أصل رومانى يتكون من صحن أوسط متسع، وجناحين جانبيين، وثلاثة هياكل، وذلك قبل أن يشتريها اليهودى الشامى، برهام بن عزرا، من ال كنيسة الأرثوذكسية بعد مرورها بضائقة مالية، وذلك مقابل مبلغ قدره 20 ألف دينار
وأضاف الدكتور ريحان أن المعبد ليس فقط أصله كنيسة مسيحية على الطراز البازيليكى بل يضم تحفة إسلامية رائعة، تتمثل فى (ثريا) معلقة على يمين هيكل المعبد محفور عليها باللغة العربية أسماء الخلفاء الراشدين الأربعة، بالإضافة إلى (ثريا) نحاسية أخرى تتدلى من السقف على شكل مخروطى، وتحمل اسم السلطان المملوكى قلاوون، مشيرًا إلى أن الثريتين من إهداء السلطان المملوكي، قلاوون بن عبدالله الألفى الصالحى، الذى حكم مصر خلال الفترة من عام (678 - 689 هـ) الموافق (1280- 1290م)، وهو ما يؤكد احتضان مصر على مر تاريخها لجميع الأديان وأن هذا المعبد يشكّل مجمع للأديان بالإضافة إلى وجوده فى مجمع الأديان
وأشار الدكتور ريحان من خلال دراسة أثرية للدكتور محمد مهران رئيس الإدارة المركزية للآثار اليهودية بوزارة الآثار إلى تسامح المسلمين مع اليهود بمنحهم مقابر البساتين في القرن التاسع الميلادى، حيث منحهم الأمير أحمد بن طولون أراض أقاموا بها مقابرهم الموجودة حتى الآن وأن أشهر من دفن بتلك المقابر يعقوب بن كلس، الذي عهد إليه الخليفة المعز لدين الله 341- 364 هـ، 952- 974م بولاية الخراج، موضحًا أن درجة التسامح وصلت بين المسلمين واليهود إلى تعيين الخليفة الحاكم بأمر الله لطبيب خاص يأتمنه على حياته من اليهود وهو صفير اليهودى.
ونوه الدكتور ريحان إلى كرم الضيافة المصرى من استقبال اليهود من شتى بقاع الأرض ليجدوا الملاذ الآمن بمصر، وأقاموا في عدة مناطق منها الفسطاط وحارة اليهود والجمالية والعباسية والزمالك وجارن سيتى وأن معابد اليهود في مصر كانت حسب الطائفة فمنهم طائفة الربانيين، وهم من يؤمنون بالتوراة كتاب الرب والتلمود كلام البشر ومن معابدهم معبد بن عزرا بمصر القديمة، وطائفة القرائين، وهم من يؤمنون بالتوراة فقط وصلاتهم بها ركوع وسجود ومعابدهم مفروشة بالسجاد ويخلعون أحذيتهم خارج المعبد، وطائفة الأشكناز وهم اليهود من أصل أوروبى.
وأوضح أن المعابد المسجلة بوزارة الآثار تسعة بالقاهرة ومعبدين بالإسكندرية ومنها معبد بن عزرا بمصر القديمة المسجل عام 1984 ومعبد موسى بن ميمون بحارة اليهود بالموسكى المسجل عام 1986، ومعبد حاييم كابوسى بحارة اليهود والمسجل عام 1987، وشعار هشمايم بشارع عدلى مسجل عام 1987، ومعبد نسيم أشكنازى بشارع الجيش المسجل عام 1995 ومعبد اليهود الأشكناز بشارع الجيش مسجل عام 1999 ومعبد كرايم بالظاهر المسجل عام 1996 ومعبد موسى الدرعى بالعباسية المسجل عام 1997ومعبد حنان بقنطرة غمره والمسجل عام 1997 ومعبدين بالإسكندرية وهما معبد إلياهو النبى بشارع النبي دانيال ومسجل عام 1987 ومعبد يعقوب منشة اليهودى بميدان المنشية المسجل بقرار وزير الآثار رقم 381 لسنة 2018
ونوه الدكتور ريحان إلى الوثائق اليهودية في مصر مثل وثائق (الجنيزا)، وهى وثائق مستخرج جزء منها من معبد بن عزرا بمصر القديمة عام 1896 وجزء آخر من مقابر الجنيزا بالبساتين عام 1987 تلقى الضوء على حياة اليهود في مصر خلال العصر الحديث كما تلقى الضوء على ثقافة وتراث شريحة مهمة من المجتمع المصرى كانت جزءً لا يتجزأ في السياسة والاقتصاد والحياة الاجتماعية والثقافية والفنية
وأشار إلى مقبرة يهودية مسجلة كأثر وهى حوض موصيرى وقد سجلت عام 1989 والمدفون به عائلة موصيرى الشهيرة بمقابر اليهود بالبساتين، كما كانت مقبرة للجنيزاه وكانت هناك حجرة بالدور الثانى بمعبد بن عيزرا تخزن بها الأوراق غير المستخدمة والتى تحتوى على اسم الله لأنها لا تحرق وبعد إمتلاء هذه الحجرة تؤخذ الجنيزاه لتدفن في مقابر البساتين في احتفال كبير وقد بدأ تسريب هذه الوثائق خارج مصر منذ عام 1890 حين سقط سقف الحجرة التي تخزن بها بمعبد بن عيزرا وجاء أحد كبار اليهود من أوروبا إلى مصروحمل معه كمية كبيرة إلى أوروبا وأن أكبر نسبة من هذه الوثائق توجد حاليا بجامعة كامبريدج بإنجلترا.
ويؤكد الدكتور ريحان أن افتتاح المعبد اليهودى يؤكد أن وزارة السياحة والآثار تتعامل مع الآثار اليهودية باعتبارها جزءً لا يتجزأ من الآثار المصرية على أرضها عبر كل العصور وأن ترميم وتطوير أى أثر إضافة جديدة وموقع جديد يوضع على خارطة السياحة المحلية والدولية
إضافة تعليق جديد